للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى كُلِّ حُرٍّ مُسْلِم مُكَلَّفٍ صَحِيحٍ

===

فُرِضَ الحجُّ سنةَ سِتّ أَيضاً.

وأَمَّا السُّنَّةُ: فقد وردت منها أَخبار كثيرة: منها حديث: «بُنِيَ الإِسلامُ على خَمْسٍ … » الحديثَ. متفق عليه، ومنها: «حُجُّوا، فإِنَّ الحَجَّ يَغْسِلُ الذُّنُوبَ كَمَا يَغْسِلُ الماءُ الدَّرَنَ». رواه الطبراني في «الأَوسط»، ومنها: «مَنْ مَاتَ ولم يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إِنْ شاء يهودياً أَوْ نَصْرَانِيَّاً». رواه ابن عَدِي من حديث أَبي هريرة، والترمذي نحوه من حديث عليّ.

(عَلَى كُلِّ حُرَ) خَرَجَ به العَبْدُ وإِن أَذِنَ له مَوْلَاه (مُسْلِم) خَرَجَ به الكافر (مُكَلَّفٍ) خرج به الصبي والمجنون، لقوله صلى الله عليه وسلم «أَيُّمَا صَبِيَ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ الحِنْثَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى، وأَيُّمَا أَعرابي حَجَّ ثُمَّ هَاجَرَ، فعليه أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى، وأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثم أُعْتِقَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى». رواه الحاكم في «مُسْتَدرَكِهِ»، وقال: على شرط الشيخَيْنِ.

والمرادُ بالأَعْرَابي: الذي لم يُهَاجر ولم يُسْلِم، فإِنَّ مُشْرِكي العَرَبِ كانوا يَحُجُّونَ فنفى إِجْزَاء ذلك الحَجِّ عن الواجب بعد الإِسلام، كذا ذَكَره ابن الهُمَام. وقال البغَوِي: ولم يكن يُقْبَلُ الإِسلام بَعْدَ هجرةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إِلاَّ بالهِجْرَةِ، ثُمَّ نُسِخَ ذلك بعد فتح مكةَ بقوله صلى الله عليه وسلم «لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ» (١) . هذا، والحِنْثُ: الإِثم، ولم يبلغوا الحِنْث: أَي لم يبلغوه فيكتب عليهم، وأَخْرَجَ أَبو داود في «مَرَاسِيله»، عن محمد بن كَعْبِ القُرَظي قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «أَيُّما صَبِيَ حَجَّ به أَهْلُهُ فَمَاتَ أَجْزَأَ عنه، فإِن أَدْرَكَ فعليه الحَجُّ، وأَيُّما عَبْدٍ حَجَّ بهِ أَهْلُه فَمَاتَ أَجْزَأَ عنه، فإِنْ أُعْتِقَ فعليه الحَجُّ». وأَخْرَجَهُ ابن أَبي شيبةَ في «مُصَنَّفِهِ»: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عن الأَعْمَشِ، عن أَبي ظَبْيَان، عن ابن عباس قال: احْفَظُوا عني، ولا تقولوا: قال ابن عباس: أَيُّما عَبْدٍ حَجَّ … إِلى آخرهِ. وانْعَقَدَ على شَرْط الحريةِ الإِجْمَاعُ.

(صَحِيحٍ) خرج به المريض، والمُقْعَدِ، والمَفْلُوج، والزَّمِن الذي لا يستطيع الثبوت على الراحلة، ومقطوع الرجلين عند أَبي حنيفة في المشهور عنه، وهو رواية عن أَبي يوسف ومحمد، لأَنَّ الاستطاعة معدومة عند عدم الصحة، فلا يجب عليهم الإِحْجَاج إِذا مَلَكُوا الزاد والراحلة، ولا الإِيصاء به في المرض، إِذا لم يَسْبِقْهُم الوجوب،


(١) صحيح البخارى (فتح الباري) ٦/ ٣، كتاب الجهاد والسِّيَر (٥٦)، باب فضل الجهاد والسير (١)، رقم (٢٧٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>