للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ في البُغَاةِ]

وَالبُغَاةُ قَوْمٌ مُسْلِمُونَ خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ الإِمَامِ، فَيَدْعُوهُمْ إِلى

===

وعليه اتفاق المفسرين، أو رمى عائشة بما برّأها الله منه من قول أهل الإفك، لأنه إنكار لما ثبت في كتاب الله. وفي «المحيط» مَعْزيّاً إلى «الفتاوى»: الساحر إن اعتقد أنه خالقٌ لما يفعل فإن تاب عن ذلك، وقال: الله خالق كل شيءٍ، وتبرّأ ممّا اعتقد تُقْبَلُ توبته ولا يُقْتَلُ، لأنه كافرٌ أسلم، وإن لم يتب قُتِلَ، لأنه مرتدٌّ. وقال أبو حنيفة في «المجرّد»: يُقْتَلُ ولا يُقْبَل قوله: إني أترك السحر وأتوب منه، إذا شهد الشهود أنه الآن ساحرٌ أو أقرّ بذلك.

وكذا المرأة الساحرة تُقْتَل. وفي «المُنْتَقَى»: أنها لا تُقْتلَ، ولكن تحبس وتضرب كالمرتدّة، والأوّل أصحّ لِمَا في البخاري، و «سنن أبي داود»، و «مسند أحمد»: أنّ عمر كتب إلى نوّابه أن اقتلوا الساحر والساحرة. ولما رواه الدَّارَقُطْنِيّ عن جُنْدُب مرفوعاً: «حدّ الساحر ضَرْبةٌ بالسيف». ولأن ضرر كفرها ـ وهو السحر ـ يتعدّى فتكون ساعيةً في الأرض بالفساد بخلاف المرتدّة والحربية، وذلك لدفع فسادها الذي يفرّق بين المرء وزوجته، ولا تُقْبَلُ توبتها في الأصحّ، لأن ما يُقْتَلُ لأجله لا يرتفع بالتوبة، وقيل: تُقْبَل، لأنه لا يلزم من عدم ارتفاعه العمل به كالسلاح في يد اللّص التائب.

ثم تَعْلّم السحر وتعليمه حرامٌ بلا خلافٍ بين أهل العلم، ومن اعتقد إباحته كفر. وعن أصحابنا ومالك وأحمد: يكفر الساحر بتعليمه وتعلّمه وفعله سواء اعتقد تحريمه أو لا، ويُقْتَل. وأمّا الكاهن: وهو العرّاف الذي يَحْدِس (١) ، وقيل الذي له رَئيٌّ (٢) من الجنّ يأتيه بالأخبار. (فقال أصحابنا) (٣) : إن اعتقد أن الشياطين يفعلون له ما يشاء كفر، وإن لم يعتقد لم يكفر.

(فَصْلٌ فِي البُغَاةِ)

(وَالبُغَاةُ) جمع باغٍ (قَوْمٌ مُسْلِمُونَ خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ الإِمَامِ) الحقّ، وهو: الذي اجتمع عليه المسلمون، أو ثبتت إمامته من الإمام الحقّ (فَيَدْعُوهُمْ) الإمام (إِلى


(١) في المطبوع: يحدث، والمثبت من المخطوط، ومعنى يحدس: يظن ويخمِّن. المعجم الوسيط ص ١٦١، مادة (حدس).
(٢) الرَّئِيُّ: الجنِّيُّ يعرض للإنسان ويطلعه على ما يزعم من الغيب. المعجم الوسيط ص ٣٢٠، مادة (رأَى).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقطٌ من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>