للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَوْدِ وَيَكْشِفُ شُبْهَتَهُمْ

===

العَوْدِ) إلى طاعته (وَيَكْشِفُ شُبْهَتَهُمْ) لما في «مصنف عبد الرَّزَّاق»، و «سنن النَّسائي الكبرى» في خصائص عليّ، عن ابن عبّاس أنه قال: لمّا خرجت الحَرُورِيّة اعْتَزَلوا في دارٍ وكانوا ستة الآف، فقلت لعليّ: يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعليّ أُكَلِّمُ هؤلاء القوم. قال: إني أخافهم عليك. قلت: كلا، فلبست ثيابي ومضيت حتّى دخلت عليهم في دارهم وهم مجتمعون فيها، فقالوا: مرحباً بك يا ابن عبّاس، ما جاء بك؟ قلت: أتيتكم من عند أصحاب النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلّم المهاجرين والأنصار، ومن عند ابن عمّ النبي صلى الله تعالى عليه وسلّم وصهره، وعليهم نزل القرآن فهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد، جئت لأبلّغكم ما يقولون، وأبلّغهم ما تقولون، فانتحى لي نفرٌ منهم ـ أي عرض ـ قلت: هاتِ ما نقمتم على أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلّم وابن عمّه وخَتَنِه (١) وأوّلِ من آمن به، قالوا: ثلاث. قلت: ما هي؟

قالوا: إحداهنّ: أنه حَكَّم الرِّجال في دين الله وقد قال الله: {إنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ} (٢) قلت: هذه واحدة.

قالوا: وأمّا الثانية: فإنه قاتل ولم يسبِ ولم يغنم، فإن كانوا كفّاراً لقد حلّت لنا نساؤهم وأموالهم، وإن كانوا مؤمنين لقد حُرِّمت علينا دماؤهم، قلت: هذه أخرى.

قالوا: وأمّا الثالثة: فإنه مَحَى نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين؟ قلت: عندكم شيء غير هذا؟ قالوا: حسبنا هذا، قلت لهم: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله، وحدّثتكم من سنة نبيه ما يردّ قولكم هذا، ترجعون؟ قالوا: اللهمَّ نعم، قلت: أمّا قولكم: حَكَّم الرجال في دين الله، فأنا أقرأ عليكم أن قد صيَّر الله حكمه إلى الرِّجال في أرنبٍ ثمنها ربع درهم. قال تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} إلى قوله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٣) وقال في المرأة وزوجها {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا} (٤) أنشدكم الله أَحُكْم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وإصلاح ذات بينهم أحقّ، أم في أرنبٍ ثمنها ربع درهم؟.


(١) الخَتَنُ: زوج البنت. المعجم الوسيط ص ٢١٨، مادة (ختن).
(٢) سورة الأنعام، الآية: (٥٧).
(٣) سورة المائدة، الآية: (٩٥)
(٤) سورة النساء، الآية: (٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>