للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الجِهَادِ

وَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ إنْ هَجَمَ الكُفَّارُ، فَتَخْرُجُ المَرْأَةُ وَالعَبْدُ بِلا إِذْنٍ، وَفَرْضُ كِفَايَة بَدْأً

===

كتاب الجِهَادِ

هو لغةً: مصدر جَاهَدَ مُجَاهَدَةً، ومنه قوله تعالى: {وَجَاهدُوا في اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} (١) ، وهو أعمُّ من المُقَاتَلة لحديث: «رجعنا من الجهادِ الأصغر إلى الجهاد الأكبر» (٢) .

وشرعاً: دعاءٌ إلى الدين الحق، وقِتالٌ مع مَنْ لا يَقْبله. ويُسمّى: كتاب السِّيَر، لأنّه يُبيّن فيه سيرة المُسْلِمِينَ في مُعَاملتهم (٣) أهلَ الحرب، وأهلَ الذِّمة، والمُستأمَنين (٤) .

(وَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ إنْ هَجَمَ الكُفَّارُ) على بلدٍ وصار النَّفيرُ عاماً، وَلَا يَتَهَيَّأ دفعهم إلا بالكلّ (فَتَخْرُجُ المَرْأَةُ وَالعَبْدُ بِلَا إِذْنٍ) من الزّوج والسيد، لأن حق الزوج والمولى لا يظهر في حقِ فروضِ الأعيان، كالصلاة والصيام، ولذا يخرجُ الولد بغير إذن والديه، والمديونُ بغير إذن دائنه. وفي غير هذه الحالة لا يخرجان إلاّ بإذنهما. وكذا في كل سفرٍ فيه مشقة، لأنّ الإشفاقَ على الولد مضرٌ بوالديه، وعلى المديون يَضُر بدائنه. والأصل في ذلك قوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وجَاهِدوا بأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ في سَبِيل اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٥) أي اخرجوا إلى الجهاد شباباً وشيوخاً، أو رُكباناً ومشاةً، أو عُزّاباً ومناكحين (٦) ، أو أغنياءَ وفقراءَ.

(وَفَرْضُ كِفَايَةٍ بَدْأً) أي ابتداءً، وهو أن يبدأَ المسلمون الكفارَ بالمُحاربة كلّ


(١) سورة الحج، الآية: (٧٨).
(٢) قال العجلوني في "كشف الخفاء" ١/ ٤٢٤: الحديث في "الإحياء". قال العراقي: رواه البيهقي بسند ضعيف عن جابر.
(٣) في المخطوط: مقاتلهم، والمثبت من المطبوع.
(٤) المستأْمن: من أُعطي الأمان الموقَّت على نفسه، وماله، وعرضه، ودينه. معجم لغة الفقهاء ص ٤٢٦.
(٥) سورة التوبة، الآية: (٤١).
(٦) في المخطوط: متأَهلين، والمثبت من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>