للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الوَكَالَةِ

هي تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ إِلى غَيرِهِ.

===

كتاب الوَكَالَة

(هي) لغةً ـ بفتح الواو وكسرها ـ: الحفظ، ومنه الوكيل في أَسماء الله الحسنى بمعنى الحافظ، كما قال الله تعالى: {حَسْبُنَا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيْل} (١) ، ولذا قالوا: إِذا قال: وكلتك بمالي، أَنه يملك به الحفظ فقط. وبمعنى الموكول إِليه الأَمر فمعناها التفويض والاعتماد، ومنه التوكل، قال الله تعالى: {عليه تَوَكَّلْنَا وعَلَى افَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلُوْنَ} (٢) .

وشَرعَاً: (تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ) في البيع والشراء ونحوهما مِنْ إِنسانٍ (إِلى غَيْرِهِ) وإِقامته فيه مُقام نفسه.

(مشروعية الوَكالة)

ومشروعيتها بالكتاب، وهو قوله تعالى حكايةً: {فابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرقِكُمْ هَذِهِ إِلى المَدِينَةِ} (٣) ، فإِنَّ ما قَصَّ الله تعالى علينا عن الأُمم الماضية من الأَحكام بلا إِنكار يكون حُكْمَاً لنا. وبالسنَّة، وهي ما رَوى الترمذي أَنه صلى الله عليه وسلم بعث مع حَكيم بن حِزَام بدينارٍ ليشتريَ له به أُضحية، فاشتراها بدينارٍ وباعها بدينارين، فرجع واشترى أُضحية بدينارٍ وجاء بدينارٍ إِلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فتصدَّقَ به النبيُّ صلى الله تعالى عليه وسلم، ودعا له أَنْ يُباركَ له في تجارته.

وروى أَبو داود والترمذي وابن ماجه وأَحمد مثل هذا، وبعث أَيضاً مع عُرْوَةَ البَارِقِي بدينارٍ ليشتري له أُضحيةً أَوْ شاةً فاشترى شاتين، فباع إِحداهما بدينار فأَتاه بشاةٍ ودينارٍ، فدعا له في بيعه، فكان لو اشترى تُراباً لربح فيه. وقد وَكَّلَ صلى الله عليه وسلم بالتزويج عمرو ابن أَبي سَلَمة، كما رواه أَحمد، والنَّسائي عن أُم سَلَمة: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما بَعَث إِليها وخَطَبها قالت: ليس أَحدٌ من أَوليائي شاهدٌ، فقال صلى الله عليه وسلم: «ليس أَحدٌ من أَوليائك شاهدٌ ولا غائبٌ يَكْرَهُ ذلك. فقالت لابنها: يا عمرُ قُم فزوِّج النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فزوجه.


(١) سورة آل عمران، الآية: (١٧٣).
(٢) سورة إبراهيم، الآية: (١٢).
(٣) سورة الكهف. الآية: (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>