(وتَلْبَسُ المَخِيطَ) والخُفَّ تَحَرُّزاً عن الكَشْفِ، ولا تقرب الحجرَ الأَسود في الزحام تَحَرّزاً عن مماسَّةِ الرجال. (وحَيْضُهَا) وكذا نِفَاسُها (لا يَمْنَعُ) شيئاً من أَفعال الحج (إِلاَّ الطَّوَاف) لِمَا روى البخاري في حديث جابر: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لعائِشَةَ حين حَاضَتْ بِسَرِف: «تَنَسَّكِي المَنَاسِكَ كُلَّها غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفي ولا تُصَلِّي حتى تَطْهُري». وسَرِفُ ـ بكسر الراء ـ: موضعٌ قُرْبَ مكةَ فُوَيق التَّنْعِيم. ولِمَا في الصحيحين عن عائشة قالت: خَرَجْنا لا نَرَى إِلاَّ الحَجَّ فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِف حِضْتُّ، فدخل عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأَنَا أَبْكِي فقال:«مَا لَكِ أَنَفِسْتِ»؟ قلت: نعم، قال:«إِنَّ هذا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ على بناتِ آدمَ، فَاقْضِي ما يَقْضِي الحاجُّ غَيْرَ أَنْ لا تَطُوفي بالبيتِ حتى تَطْهُري».
[(من فاته الوقوف بعرفة)]
(وفَائِتُ الحَجِّ) وهو الذي فاتَهُ الوقوفُ بعَرَفَة حتى يَطْلُعَ الفَجْرُ (طَافَ) وَقَطَعَ التلبيةَ عند استلامِ الحَجَرِ كالعُمْرةِ، لأَنه يَتَحَلَّلُ بأَفْعَالِها (وسَعَى وتَحَلَّلَ) إِنْ حلق أَوْ قَصَّر. (وقَضَى) بإِحرامٍ جديدٍ (مِنْ قَابِل) ولا دَمَ عليه عندنا.
وقال مالك والشافعيُّ: عليه هَدْيٌ، لما في «الموطأ» عن سُلَيْمَانَ بن يَسَار: «أَنَّ ابن الأَسود جاءَ يومَ النَّحْرِ وعُمَرُ بن الخطاب رَضِيَ الله عنه يَنْحَرُ هَدْيَهُ فقال: يا أَميرَ المؤمنين، أَخطأْنا العدة كنا نرى أَنْ هذااليوم يوم عرفة، فقال عمر: اذهب إِلى مكة فطف أَنت ومَنْ معك، وانحروا هَدْياً إِنْ كان معكم، ثُم احلِقوا أَوْ قَصِّروا وارْجِعُوا إِنْ شئتم، فإِنْ جاء عامٌ قَابِلٌ فحجّوا ـ أَي قضاء ـ واهدوا ـ. أي قياساً على المُحْصَر. {فَمَنْ لَمْ يَجِد فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ في الحَجِّ وسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُم}(١) .
ولنا ما رَوى الدَّارَقُطَنِيّ من حديث ابن عباس وابن عمر أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ وَقَف بعرفةَ بليلٍ فقد أَدْرَكَ الحجَّ، ومَنْ فاتَه عرفاتٌ بِلَيلٍ فقد فاتَه الحَجُّ، فَلْيَحِلَّ بِعُمْرةٍ، وعليه الحجُّ مِنْ قَابِل». ولم يذكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم الهَدْيَ، ولو كان واجِباً لَذَكَرَهُ. وما رُوِي عن عمرَ محمولٌ عندنا على الاستحباب.