للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يُسَافِرُ بِعَبْدٍ مُسْتَأَجَرٍ لِلخِدْمَةِ إِلَّا بِشَرْطِهِ.

فصلْ [في فَسْخُ الإِجَارَةِ]

تُفْسَخُ الإِجارة بِعَيْبٍ أَخَلَّ بِالنَّفْع، كَدَبَرِ الدَّابَّةِ. فَلَوْ انتَفَعَ بالمَعِيْبِ، أَو أُزِيْلَ العَيْبُ، سَقَطَ خِيَارُهُ.

===

إِنْ عَمِله في الغد. وقال زُفَر: الشرطان فَاسِدَانِ، وله أَجْرُ المِثْل في عمل اليوم إِنْ عَمِلَه في اليوم، وفي عَمَل الغد إِنْ عَمِله في الغد، وهو قول مالك، والشافعيّ، وأَحمد، والثَّوْرِي، وأَبي ثَوْر، وإِسحاق، وهو القياس.

(ولا يُسَافِرُ بِعَبْدٍ مُسْتَأْجَرٍ) مِنْ مولاه (لِلخِدْمَةِ إِلاَّ بِشَرْطِهِ) أَي السفر في العقد، أَوْ رضاً فيما بعده، لأن خدمة السفر تشتمل على زيادة مشقة فلا يشتملها إِطلاق الخِدْمة، ولِهَذَا جُعِل السفر عُذْراً في فسخ الإجارة فلا بد من اشتراطه، كإِسكان الحدَّاد والقَصَّار في الدار.

ولو سافر به فهلك ضَمِنه لمولاه لأنه صار غاصِبَاً، ولو رَدَّه إِلى مولاه سَالِمَاً لا أَجْر له عندنا، خِلافاً لمالك والشافعي وأَحمد، لأَن الأَجْر والضَّمَان عندنا لا يجتمعان. ثُم الخِدْمَة مِنْ السَّحَر إِلى أَنْ ينام النَّاس بعد العشاء عَمَلاً بالعُرْف فيهما.

فصلٌ (في فَسْخ الإِجارة)

(تُفْسَخُ) الإِجارة (بِعَيْبٍ) حدث أَوْ ظهر (أَخَلَّ بِالنَّفْع، كَدَبَرِ (١) الدَّابَّةِ) ومَرَض العبد للخدمة، لأَن المعقود عليه في باب الإِجارة هو المنافع، وهي توجد شيئاً فشيئاً، فما وُجِد من العيب يكون حادثاً قبل القبض بالنسبة إِلى المنافع الآتية، فيُوْجِبُ الخيار، كما إِذا حدث في المَبيع قبل القبض.

(فَلَوْ انتَفَعَ) المستأْجِر (بالمَعِيْبِ، أَوْ أُزِيلَ العَيْبُ سَقَطَ خِيَارُهُ) لأَنه بالانتفاع رَضِي بالعيب، فيلزمه جميعُ البدل كما في المبيع. أَما إِذا لم يكن مُخِلاًّ، به كما لو سقط حائط من الدار لا يخل بالسُّكْنَى لم يكن للمستأْجر الفَسْخُ، ويفهم منه أَنَّ العيب المُفَوِّت لِنَفْس المنفعة تنفسخ به الإِجارة من باب أَوْلَى، كخراب الدار، وبه كان يُفْتي شمس الأئمة السَّرَخْسِي، وشيخ الإِسلام خواهر زاده.

وقال بعض الأَصحاب: تنفسخ إِجارة الدَّار بمجرد الخراب، وهو قول مالك والشافعي وأَحمد، لأن المعقود عليه ـ وهو المنافع المخصوصة ـ فات قبل القبض فصار (كَفَوْت) (٢) المبيع قبل القبض، وكموتِ العبد المستأْجَر، والأَول أَصح، لأَن


(١) الدُّبَر: الجُرْح الذي يكون في ظهر البعير. النهاية ٢/ ٩٧.
(٢) في المطبوع: كموت، وما أَثبتناه من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>