للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وجهٌ، وإن كان الامتناع عن أخذهم أوجه، لأنه أبعد من الرِّيبة وأشدّ على الظالم في مقام الإهانة.

(أمور الفِطْرَة)

ويُسَنُّ قصّ الشارب، وتقليم الأظافر، ونَتْف الإبط، وحلق العَانَة، فإنّها من الفطرة وسنن الخليل عليه الصلاة والسلام الوارد فيها قوله تعالى: {وَإِذَا ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} (١) ، وقد فعلها نبينا صلى الله عليه وسلم وأمر بها. وفي حديثٍ: «قَصُّ (الشارب وتقليم) (٢) الظفر، ونتف الإبط، وحلق العانة يوم الخميس، والغسل والطيب واللباس يوم الجمعة». رواه الدَّيْلَمِيّ عن عليّ.

قال الطَّحَاوِيّ في «شرح الآثار»: وقص الشارب حسنٌ، وهو أن يأخذ منه حتى ينتقص عن الطرف الأعلى من الشَّفَة العليا. وأجاز بعضهم حلقه لقوله عليه الصلاة والسلام: «أَحفوا الشارب وأَعفوا اللِّحى». وفُسِّرَ الإحفاء بالاستئصال، ودُفِعَ بأنه ورد: «قُصُّوا الشارب واعفوا اللِّحى» (٣) كما رواه أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه وهو تفسيرٌ للإحفاء. ولأنّه عليه الصلاة والسلام لم يُحفظ عنه أنّه حلق شاربه، بل قد ورد: «قصّوا الشوارب مع الشفاه». رواه الطَّبرَانيّ عن الحكم بن عمرو. وحَسَنٌ تَرْكُ قَصِّه مع بقاء أَظْفاره في الجهاد ليكون أهيب في عين العدو، والأَظْفَارُ سلاح عند الاحتياج به.

وسُنَّ الخِتَان للرجال وهو من الفطرة، وعُدَّ مَكْرُمَةً للنساء لحصول الكرامة لهنَّ به عند أزواجهنّ، وقُدِّرَ وقته بسبع سنين، وهو مختار أبي اللَّيث، أو تسعٍ أو عشرٍ. وقيل: بما يطابق المراد بالبلوع. ويُتْرَك لو وُلِد شبيهاً بالمختون، أو أسلم كبيراً وخيف عليه منه. وإن تركه أهل بلد قوتلوا عليه لأنّه من شعائر الإسلام فصار كالأذان.

وتجوز المسابقة بالخيل والبغال والحمير والإبل والأقدام، والرمي بالنَّبْلِ. والأصل فيه، حديث أبي هريرة أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا سَبَق إلاّ في خُفَ أو نَصْلٍ أو حافرٍ». رواه أحمد والأربعة، والمراد بالخُفِّ: الإبل، وبالنَّصْلِ: الرمي، وبالحافر: الفرس والبغل والحمار. قال الخطَّابيّ: الرواية الصحيحة بفتح الموحدة وهو ما يجعل من المال رهناً على المسابقة (٤) ، وبالسكون مصدر سَبَقْتُه أسبقه. وعن أبي هُرَيْرَةَ أيضاً


(١) سورة البقرة، الآية: (١٢٤).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه ١/ ٢٢٢، كتاب الطهارة (٢)، باب خصال الفطرة (١٦)، رقم (٥٢ - ٢٥٩).
(٤) عبارة المطبوع: ما يحصل من المال هنا على المسابقة والمثبت عبارة المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>