للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يعتقدونهم ويلازمونهم (ويقصدونهم) (١) ، ويعطونهم ويَنْسُبون أنفسهم إليهم، وينفقون (عليهم) (٢) ، أعاذنا الله من شرّهم وشرّ ما لديهم.

ولا يحلّ قَبول هدية أمراء الجَور وسائر الظلمة، إلاّ إذا عُلِمَ أنّ أكثر مالهم حلال بأن كان صاحب تجارة أو زراعة، فلا بأس به لأنّ أموال الناس لا تخلو عن قليل حرام فالمعتبر الغالب، وكذا طعامهم. وهذا بالنسبة إلى الأغنياء، وأمّا الفقراء، فلهم أن يأخذوا من أموال الأمراء، لأنّ غالب أموالهم (من) (٣) بيت المال، ومَصْرِفه الفقراء. وهذا طريق الفتوى، والأحوط امتناعه للتقوى. وفي «تُحْفة الملوك»: رجلٌ يتردد إلى الظلمة ليدفع شرهم عنه، فإن كان مفتياً أو مُقْتَدىً به لا يحلّ له ذلك، لأن دفع شرهم عنه ممكن بغير التردد، ولأن فيه إهانةً للعلم وأهله، وإن كان غير مُقْتَدى به فلا بأس بتردده إليهم ليدفع شرهم عنه.

وأمّا إذا تردد لأجل أن يُصيب منهم، فلا يجوز لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن أناساً من أمتي سيتفقّهون في الدين، ويقرؤون القرآن، ويقولون: نأتي الأمراء فنصيب من دنياهم ونَعْتَزلُهُم بديننا، ولا يكون ذلك، كَما لا يُجْتَنَى من القَتَاد إلاّ الشوك، كذلك لا يُجْتَنَى من قربهم (٤) إلاّ الخطايا (٥) ». رواه ابن ماجه. والقَتَاد بفتح القاف والتاء ثالث (٦) الحروف: ضربٌ من العِضاه وهي جمع عِضَة: وهي شجرة من شجر الشوك ليس فيه غير الشوك.

وكان ابن عباس وابن عمر يقبلان هديّة المختار، وكان أبو ذر وأبو الدَّرْداء لا يُجَوِّزَان ذلك حتّى رُوِيَ أنّ أميراً أهدى إلى أبي ذر مئة دينار فقال: هل أهدى لكل مسلم مثل هذا؟ فقيل: لا، فردَّها وقال: {كَلاَّ إِنّها لَظَى نَزَّاعَةً للشَّوَى} (٧) ولا يبعد أن يُحمل أخذ ابنيْ عباس وعمر على نية تفريقه على الفقراء، وإنّهم (يعلمون أنهم) لو لم يأخذوه لأعطى الأغنياء أو لم يُعطِ لأحدٍ شيئاً من الأشياء. فلأَخْذِهم


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٣) زيادة منا يقتضيها السياق.
(٤) في المخطوط دنياهم، والمثبت من المطبوع وهو الصواب لموافقته لما في سنن ابن ماجه ١/ ٩٣ - ٩٤، المقدمة، باب: الانتفاع بالعلم والعمل به (٢٣)، رقم (٢٥٥).
(٥) هذه الكلمة تفسير راوي الحديث: محمد بن الصَّبَّاح. انظر سنن ابن ماجه وقد مر تخريجه في التعليقة السابقة.
(٦) في المخطوط: قالت، والمثبت من المطبوع.
(٧) سورة المعارج، الآيتين (١٥، ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>