للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مباحات الإِحرام]

لا الاسْتِحْمَامَ

===

يكون الثوبُ المَصْبوغُ مَغْسولاً لا يَنْفُض ـ أَي لا يَفُوح ـ وقيل: لا يتناثر، والتَّفْسِيرانِ مَرْوِيَّانِ عن محمد. والأَصل في الاستثناء ما روى الطحاوي عن ابنِ عمر قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «لا تَلْبَسُوا ثَوْباً مَسَّهُ وَرْس أَوْ زعفران إِلاَّ أَنْ يكون غسيلاً». وما رواه ابن أَبي شيبةَ، والبَزَّار، وأَبو يَعْلَى المَوْصِلي في «مسانيدهم» عن ابن عباس، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «لا بأْسَ أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ في ثوبٍ مَصْبُوغٍ بزَعْفَران، وقد غسل وليس له نفض ولا رَدْغ». قال ابن دُرَيْد: والرَّدْغ: ما يبل القدم من المطر أَوْ غيره.

وأَمَّا النساءُ المُحْرِماتُ فَقَدْ أَباح لهنَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لُبْس السراويل والقُمُص، كما رواه أَبو داود.

(مباحات الإِحرام)

(لا الاسْتِحْمَامَ) أَي لا يجب أَنْ يتقي المُحْرم استعمال الماء الحار ودخول الحمام، لما في الصحيحين من حديث عبد الله بن حُنَيْن: أَنَّ عبد الله بن عباس والمِسْوَر بنَ مَخْرَمة اختلفا بالأَبواء ـ وهو بفتح الهمزة وسكون الموحدة والمد، جَبَلٌ بين مكة والمدينة وعنده بلد يُنْسَبُ إِليه على ما في «النهاية» ـ فقال ابن عباس: يَغْسِل المُحْرِمُ رأْسَه، وقال المِسْوَرُ: لا يغسله، فَأَرْسَله ابن عباس إِلى أَبي أَيُّوب الأَنصاري فوجده يغتسل بين القرنين، وهو مُسْتَتِر بثوب، قال: فسلمت عليه، فقال: مَنْ هذا؟ قُلْتُ: أَنا عبد الله بن حُنَيْن، أَرسلني إِليك عبد الله بن عباس أَسْأَلُك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَه وهو محرم؟ قال: فوضع أَبو أَيُّوب يده على الثوب فطأطأه أَي خفضه حتى بَدَا لي رأْسه ـ ثم قال لإِنسان يَصُبُّ عليه ـ: اصْبُبْ، فَصَبَّ على رأْسه، ثمَّ حَرَّك أَبو أَيوب رأْسه بيديه: فأَقبل بهما وأَدبر، ثم قال: هكذا رأَيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.

وفي البخاري: قال ابن عباس: يَدْخُلُ المُحْرِمُ الحَمَّامَ. وفي «مُسْنَدِ الشافعيِّ» في كتاب الحج الأَكبر: أَنَّ ابن عباس دخل الحمام بالجُحْفَة فقال: ما يعبأ اللَّهُ من أَوساخنا شيئاً. ورواه ابن أَبي شيبة في «مُصَنَّفِهِ» عن عِكْرمةَ، عن ابن عباس نحوه. «وفي مُسْنَد الشافعي» عن يَعْلَى بن أُميةَ أَنَّه قال: بينما عمر بن الخطاب يَغْتَسِلُ إِلى بعير وأَنَا أَسْتُر عليه بثوبٍ، قال عمر: يا يَعْلَى اصبُب على رأْسي، فَقُلْتُ: أَمير المؤمنين أَعلم، فقال عمر: واللَّهِ ما يزيدُ الماءَ الشَّعر إِلاَّ شَعَثاً فَسَمَّى اللهَ، ثُمَّ أَفاضَ على رَأْسِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>