للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصَحّ فِدَاءُ الحَلِفِ والصُّلْحُ عنه.

[فصل في التحالف]

ولو اختلفا في قَدْرِ الثَّمَن أَو المَبِيع، حَكَمَ لِمَنْ بَرْهَنَ، وإِن بَرْهَنَا فَلِمُثْبِتِ الزيادة، وإِنْ اختلفا فيهما، فحُجَّةُ البائع في الثمن، وحُجَّةُ المُشْتَرِي في المَبِيع،

===

(وصَحّ فِدَاءُ الحَلِفِ والصلح عنه) وليس له أَنْ يستحلفه بعد ذلك، لأنه سقط حقه من اليمين بأَخذ بدلها. خَصّ الفِداء والصُّلْح لأنه لو اشترى يمينَه منه لا يصح، وله أَنْ يستحلفَه، لأن الشراءَ عقدُ تمليك المال، واليمين ليست بمال. وقد رُوِيَ عن عثمان أَنه ادُّعِيَ عليه أَربعون درهماً، فأَعطى شيئاً وافتدى من يمينه ولم يَحْلِف. وعن حذيفة أَنه افتدى مِنْ يمينه بمال. ولأنه لو حَلَفَ يقع في القيل والقال، فإِن الناسَ بين مصدقٍ ومكذب، فإِذا افتدى من يمينه فقد صان عرضه وهو حسن. وروى عبد الرزاق في «مصنفه» عن مَعْمَر قال: سُئل الزُّهري عن الرجل يقع عليه اليمين فيريد أَنْ يفتدي من يمينه، فقال: كانوا يفعلون ذلك. وقد افتدى عبيد السهام وكان من الصحابة يمينه بعشرة آلاف، وذلك في إِمارة مروان والصحابةُ بالمدينة كثير.

ومن ظَفِرَ بجنسِ حقه أَخذَه بلا استئذان ولا حُكْم قاضٍ، لأن الديون تُقضى بأَمثالها، فكأَنه عينُ حقِّه، ولو ظَفِرَ بخلاف جنسه لا يأخذه عندنا إِلا بإِذن أَوْ حُكْم قاضٍ لاختلافهما حقيقة. وأَجازه مالك والشافعي لاتحادِهما في جنسِ المالية.

[فصل في التحالف]

كما في نُسخَة (ولو اختلفا في قَدْرِ الثمن) بأَن ادّعى البائع أَكثر مما اعترف به المشتري (أَوْ) اختلفا في قَدْر (المبيع) بأَن اعترف البائع بِقَدْر منه، وادّعى المشتري أَكثر من ذلك القَدْر (حَكَمَ لمن بَرْهَن) لأنه نوّر دَعواه بالبينة (وإِن برهنا) أَي أَقام كلُ واحدٍ منهما بيِّنَة على ما ادّعاه (فَلِمُثْبِتِ الزيادة) لأن البينة للإثبات، ولا معارضة في قَدْر ما اتفقا عليه ولا في الزيادة، ولأن البينةَ على الأقل وإِن نفت الزيادة، لكن الشهادة على النفي غير مسموعة، وزيادة الثقة مقبولة، كما أَنها حجة في الرواية.

(وإِنْ اختلفا فيهما) أَي في قَدْر الثمن وقدر المبيع (فحجةُ البائع في الثمن) أَولى (وحُجة المشتري في المبيع) أَولى نظراً إِلى زيادة الإثبات. أَما لو كان الاختلاف في جنس الثمن بأَن قال البائع: بعتك هذه الجارية بعبدك هذا، وقال المشتري: إِنما اشتريتها منك بمئة دينار، وأَقاما البينة لزم المشتري البيع بالعبد، فتقبل بينة البائع دون المشتري، لأن حقَ المشتري في الجارية ثابت باتفاقهما، وإِنما

<<  <  ج: ص:  >  >>