للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الفَاسِقِ وَالمَسْتُوَرِ تَحَرَّى

===

لأنه لا يكثر وقوعها كثرةَ وقوع المعاملات، فيشترط فيها الإسلام والعدالة. ففي المخبِر العدل بنجاسة الماء لا يتوضأ به لعدم التهمة، وفي الكافر يتوضأ به للتهمة. (وَفِي الفَاسِقِ وَالمَستُوَرِ تَحَرَّى) فإن كان أكبرُ رأيه أنّه صادق تيمَّم ولم يتوضأ به لترجّح جانب الصّدق بالتَّحرّي، والأحوط أن يريق الماء ثم يتيمّم. وإن كان أكبر رأيه أنه كاذب يتوضأ به و (لا) (١) يتيمم لترجُّح جانب الكذب بالتحرّي.

ولو أخبرها ثقةٌ أنّ زوجها الغائب مات أو طلّقها ثلاثاً، أو أخبرها غير ثقة ومعه كتاب بطلاقها ولم تدرِ أنه منه، إلاّ أنها تحرّت فترجّح عندها صدقه، جاز الاعتداد والتزوّج. ولو أخبرها أن أصل نكاحها كان فاسداً، أو زوجها كان أخاها من الرَّضاع لم يسعها أن تتزوّج بقوله، وإن كان ثقة، لأنّ في هذا الفصل أخبرها بخبر مُسْتَنْكَرٍ وقد ألزمها الحكم بخلافه، وفي الأوَّل أخبرها بخبر محتملٍ، وهو أمر بينها وبين ربّها، فلها أن تعتمد ذلك الخبر وتتزوّج.

ويُقْبَلُ قول الصَّبيِّ والقِنِّ (٢) في الهدية والإذن له في التجارة، لأن الهدايا تبعث على يد هؤلاء عادةً، فلو لم يقبل قولهم لأدّى إلى الحرج. والعبد يُحْتَاج في الأسواق والأمصار البعيدة ولا يمكنه استحضار الشهود إلى تلك المواضع، فلو لم يُقْبَل قوله في الإذن لتحرّج الناس في المعاملة مع العبيد.

(مَسَائِلُ شَتَّى)

ومّما ينبغي أن يُلحق بهذا الكتاب مسائلُ شتّى ممّا يناسب هذا الباب. فقد قال علماؤنا: لا بأس بتعشير المصحف ونَقْطِهِ وشَكْلِهِ في زماننا. وأصل الرواية أنه يُكْره التعشير والنَّقْط في المصحف لقول ابن مسعود: جرِّدُوا القرآن، ولا تُلْحِقُوا به (ما) (٣) ليس منه. رواه ابن أبي شَيْبَة. وله معنيان: أحدهما: جرّدوه في التلاوة ولا تخلطوا به غيره، وثانيهما جرّدوه في الخط من التعشير والنَّقْط.

وفي زماننا لا بدّ لغالب الناس من الدلالة، فبالتعشير تحفظ الآي، وبالنَّقْط يحفظ التصحيف، وبالشكل يحفظ الإعراب، فيكون بِدَعاً مستحسنة، وقد صحّ عن ابن مسعود: ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن. ويجوز تحليته لِمَا فيها من تعظيمه، وكذا نقش المسجد وتزيينُه بماء الذهب ونحوه، لكن لا من غَلّة وقفه حتى لو فُعِلَ منها ضُمِنَ. ثم هو قُربة في الأصحّ لما فيه من تعظيم بيت الله، ولظاهر قوله


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) سبق شرحها ص (١٣)، التعليقة رقم: (٥).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>