للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} (١) . وقيل: مكروه لأنّه من الأمور المبتدعة.

ويكره في المسجد عمل الدنيا كخياطة وكتابة بأجرة (لما) (٢) ورد: أنّ المساجد إنما بنيت للصلاة، إلاّ لضرورةٍ بأن لم يجد مكاناً غيره، وكان قوته من صنعته. ولا يكره عندنا دخول الذميّ المسجد الحرام، وكرهه الشّافعيّ لقوله تعالى: {إنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَام بَعْدَ عَامِهِمْ هَذا} (٣) ، ولأنّ الكافر لا يخلو عن جنابة.

وأُجيبَ بأنّه محمولٌ على منعهم أَنْ يدخلوه طائفين عراةً، أو مستولين، وعلى أهل الإسلام مستعلين، وبأنّ النجاسة محمولةٌ على خبث عقائدهم، وكرهه مالك في كل مسجد اعتباراً بالمسجد الحرام لعموم العلة وهي النجاسة.

ولنا: ما في «سنن أبي داود» عن عثمان بن أبي العاص أنّ وفد ثقيف لمّا قدموا على النبيّ صلى الله عليه وسلم أنزلهم المسجد ليكون أرقّ لقلوبهم، فاشترطوا عليه أنْ لا يُحْشَرُوا (٤) ولا يُعْشَرُوا (٥) ولا يُجَبَّوا (٦) . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لكم أنْ لا تُحْشَروا ولا تُعْشَروا، ولا خير في دين ليس فيه ركوع». والتجبية بالجيم والموحدة وضع اليدين على الركبتين. وفي «مراسيله» عن الحسن أنّ وَفْدَ ثقيف أتوْا رسول الله، صلى الله عليه وسلم فضرب (٧) لهم قُبْة في مؤخر المسجد لينظروا صلاة المسلمين، فقيل له: يا رسول الله أتنزلهم (٨) في المسجد وهم مشركون؟ قال: «إن الأرض لا تتنجس بابن آدم».

ويَحْرُم بيع أراضي مكة عند أبي حنيفة خلافاً لهما، ولا يَحْرُم بيع أبنيتها اتفاقاً، لأن البناء ملك لمن بناه، ألا ترى أنه لو بنى في المستأجر، أو في الوقف صار البناء له وجاز له بيعه؟.

ولا يكره عيادة الذِّمي لقوله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ في الدِّينِ وَلَم يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ} (٩) ولِمَا في «صحيح البخاري» عن أنس قال: كان غلامٌ يخدُم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرض، فأتاه النبيّ صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه


(١) سورة التوبة، الآية: (١٨).
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٣) سورة التوبة، الآية: (٢٨).
(٤) أي لا يُنْدَبُون إلى المغازي، ولا تُضْرب عليهم البعوث. النهاية ١/ ٣٨٩.
(٥) أي لا يؤخذ عشر أموالهم. النهاية (٣/ ٢٣٩).
(٦) لا يُجَبَّوْا: معناه: لا يصلوا، وأصل التجيبة أن يقوم الإنسان على قيام الراكع. النهاية ١/ ٢٣٨ بتصرف.
(٧) في المطبوع: فضربوا، والمثبت من المخطوط.
(٨) في المطبوع: أنزلتهم، والمثبت من المخطوط.
(٩) سورة الممتحنة، الآية: (٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>