للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فقال له: «أسلم» فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال: أطِعْ أبا القاسم. فأسلم فخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه بي من النار». واختلفوا في عيادة الفاسق والمبتدع، والأصحّ أنه لا بأس بهذا لأنه مسلم.

قيل: ويحرم قوله في الدعاء: أسألك بِمَعَقْدِ (١) العز من عرشك، وقد رُوِيَ بتقديم القاف على العين، فلا يجوز اتفاقاً لاستحالة معناه على الله سبحانه وتعالى. ورُوِيَ بَعكسه، فكذا يحرم، لأنه يوهم تعلّق العزّ بالعرش، والعرش حادثٌ وما يتعلّق به يكون حادثاً، والله سبحانه متعالٍ عن تعلّق عزّه بالحوادث، فإنّ عزّه قديم كذاته وسائر صفاته. وعن أبي يوسف: أنه لا بأس به، وبه أخذ الفقيه أبو الليث.

قيل: ويحرم أن يقول في دعائه: بحقّ فلانٍ، نبيّاً كان أو وليّاً، أو بحقّ البيت أو المشعر الحرام، لأنه لا حقّ للخلق على الله، لكن قد يقال: إنه لا حقّ لهم وجوباً من أصله، لكنّ الله سبحانه جعل لهم حقّاً من فضله (٢) ، أو يراد بالحقّ الحرمة والعظمة، فيكون من باب الوسيلة، وقد قال الله تعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ} (٣) وقد عُدَّ من آداب الدعاء: التوسل بالأنبياء والأولياء على ما في «الحصن الحصين»: وجاء في رواية: «اللهم إني أسألك بحقّ السائلين عليك، وبحقِّ ممشايَ إليك، فإني لم أخرج أَشَراً (٤) ولا بَطَراً». الحديث (٥) .

ولا يكره قبول هدية طعام العبد التّاجر لما رُوِيَ من طرق في قصة إسلام سَلْمان أنّ النّبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلّم قَبِل هديته وأكل منها، بخلاف هدية النقدين والثياب على يده (٦) لعدَم ورود نصَ وعُرْفٍ بذلك، فبقي على أصل القياس في المنع.

وكره أن يجعل الرَّاية في عنق العبد وهي: طوق من حديد مسمّر بمسمار عظيم يمنعه من أن يحرّك رأسه، وهو معتادٌ بين الظَّلمة لأنه عقوبة أهل النَّار فيكره، كالإحراق بها، وحلّ قيده لأنه سنة المسلمين في السفهاء وأهل الدعارة، فلا يكره في العبد تحرزاً عن إباقه وصيانةً لماله.


(١) في المخطوط: بمقعد، والمثبت من المطبوع. والمَعْقِد: موضع العَقْد أي ما عُقِدَ من البناء، يقال: عقد البناء: إذا ألصق بعض حجارته ببعض بما يمسكها فأحكم إلصاقها. المعجم الوسيط. ص ٦١٤، مادة: (عقد).
(٢) في المطبوع: فضلًا، والمثبت من المخطوط.
(٣) سورة المائدة، الآية (٣٥).
(٤) الأَشَرُ: البطر، وقيل: أشدّ البطر. النهاية ١/ ٥١.
(٥) أخرجه ابن ماجه في سننه ١/ ٢٥٦، كتاب المساجد والجماعات (٤)، باب: المشي إلى الصلاة (١٤)، رقم (٧٧٨).
(٦) كذا العبارة في المطبوع والمخطوط، ولم يتبين لنا وجه تصحيحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>