للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وحلّت الحُقْنَة للتداوي لما في السنن الأربعة عن أُسَامة بن شَرِيك قال: أتيت النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلّم وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطير، فسلمت ثم قعدت، فجاء الأعراب من ههنا ومن ههنا فقالوا: يا رسول الله أنتداوى؟ فقال: «تَدَاوَوْا، فإنّ الله لم يضع داءً إلاّ وضع له دواءً إلاّ الهَرَم». ولفظ أحمد في «مسنده»: «فإن الله لم يُنْزِل داءً إلاّ أنزل له دواءً إلاّ الموت». قالوا: يا رسول الله فما أفضل ما أُعْطي العبد؟ قال: «خلقٌ حسنٌ».

ولا يجوز استعمال المُحَرّم في الحُقْنَة وغيرها كالخمر ونحوها، لأنّ التّداوي بالمحرّم حرامٌ. ثم التداوي بالحلال جائزٌ لا واجبٌ، فمن ترك المعالجة فمات لم يمت عاصياً لأنه ليس في ترك المعالجة إهلاك النفس، إذ ربّما يصحّ من غير معالجة وربّما لا تنفعه المعالجة.

(ويجب على من رأى منكراً أن ينهى عنه، لو قَدِرَ عليه، ولو لم يفعل مَثُلَ (١) ، لأنّه) (٢) يجب عليه ترك المنكر والنهي عنه، فإذا ترك أحدهما لا يسقط عنه الآخر.

وينهى الإمام مَنْ أظهر الفسق في داره، فإن لم يكفَّ، حبسه أو ضربه سياطاً أو أزعجه منها (٣) ردعاً له وزجراً عن ارتكاب الفواحش.

ويَحْرُم على المغنّي والنائحة أخذ المال المشروط على الغناء والنوح، لأنّه أجرٌ على معصيةٍ بخلاف غير المشروط فإنّه تبرُّع، لكنه يكره لأنه وسيلةٌ إلى فعله.

ولا بأس بدخول الحمّام للرجل والمرأة إذا اتَّزَرَ وغضَّ البصر لقوله عليه الصلاة والسلام: «إنها ستُفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتاً يقال لها الحمَّامات، فلا يدخُلَنَّها الرّجال إلا بالأُزُرِ، وامنعوها النساء إلاّ مريضة أو نُفَسَاء». رواه أبو داود وغيره. وكره غَمْز (٤) الأعضاء في الحمّام، لأنه فعل المُتَرفِّهين إلاّ لتعبٍ ونحوه من الأوجاع، فإن فيه منفعة وتخفيفاً.

وكره الجلوس على القبور لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها» (٥) . وقوله: «لأن يجلس أحدكم على جمرةٍ فتحرق ثيابه حتى تخلص إلى جلده خيرٌ له من أن يجلس على قبرٍ» (٦) .


(١) مَثُل: زال عن موضعه. القاموس المحيط ص ١٣٦٤، مادة: (مثل).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) أي من الدار، والمعنى أقلعه وقلعه منها، المعجم الوسيط ص ٣٩٣، مادة: (زعج).
(٤) في المخطوط: غمض، والمثبت من المطبوع، والغَمْزُ: العصر والكبْس باليد. النهاية ٣/ ٣٨٥.
(٥) أخرجه مسلم في صحيحه ٢/ ٦٦٨. كتاب الجنائز (١١)، باب النهي عن الجلوس على القبر (٣٣)، رقم (٩٧ - ٩٧٢).
(٦) أخرجه مسلم في صحيحه ٢/ ٦٦٧، كتاب الجنائز (١١)، باب النهي عن الجلوس على القبر (٣٣)، رقم (٩٦ - ٩٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>