للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الرَّهْنِ

هُوَ حَبْسُ مَالٍ مُتَقَوَّمٍ بِحَقٍّ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهُ، كَالدَّيْنِ.

===

كتاب الرَّهْن

(هُوَ) لغةً: حَبْسُ الشَّيءِ، أَيِّ شيءٍ كَانَ، بأَيِّ سَبَبٍ كان. قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِيْنَةٌ} (١) .

وشرعاً: (حَبْسُ مَالٍ مُتَقَوَّمٍ بِحَقَ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهُ) أَي استيفاء الحق من المَرْهُون (كَالدَّيْنِ) فإِنه يمكن أَخْذُهُ من المرهون: بأَن يباع، بخلاف العين، لأَن الصورة مطلوبةٌ فيها ولا يمكن تَحْصِيْلُهَا مِنْ شيءٍ آخر.

[(مشروعية الرهن)]

والأصل في مشروعية الرَّهن قوله تعالى: {وإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ ولم تَجِدُوا كَاتِبَاً فَرِهَانٌ مَقْبُوْضَةٌ} (٢) قراءة الجمهور بكسر الراء: جَمْع رَهْن ـ بفتحها ـ، كَعِبَاد جَمْع عَبْد. وقرأَ ابن كثير وأَبو عمرو: «فَرُهُنٌ» ـ بضم الراء والهاء ـ على أَنه جَمْع رَهْن، كَسُقُف في جمع سَقْف، أَوْ جمع رِهَان، وهو جمع رهن. وهذا أَمرٌ بصيغة الخبر معطوفٌ على قوله: «فاكْتُبُوه» (٣) ، أَوْ على قوله: {وأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُم} (٤) ، وأَدنى ما يَثْبُت بصيغةِ الأَمر الجَوازُ.

وما أَخرجه الشيخان عن الأَسود، عن عائشة: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم اشترى مِنْ يهوديّ طعاماً إِلى أَجَلٍ، ورَهَنَهُ دِرْعَاً له مِنْ حَدِيدٍ. وما أَخرجه الترمذيّ ـ وقال: حديث حسن صحيح ـ والنَّسائي وابن ماجه، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس قال: قُبِض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وإِنَّ دِرْعَهُ مَرْهونٌ عِنْدَ رَجُلٍ يهوديَ على ثلاثين صَاعَاً (٥) مِنْ شَعِيرٍ، أَخَذَهُ لِعِيَالِه. وما رواه أَبو داود ـ وقال: هو عندنا صحيح ـ أَنه صلى الله عليه وسلم قال: «لَبَنُ الدَّرِّ يُحلب بنفقته إِذا كان مرهوناً، والظَّهْرُ يُرُكَب بنفقته إِذا كان مَرْهوناً، (و) (٦) على الذي يَحْلُب ويَرْكَب


(١) سورة المدّثر، الآية: (٣٨).
(٢) سورة البقرة الآية: (٢٨٣).
(٣) في المطبوع: فاكتبوها، وما أَثبتناه من المخطوط.
(٤) سورة البقرة، الآية: (٢٨٢).
(٥) الصَّاع: وحدة من وحدات المكاييل، ومقداره عند الحنفية = ٢١٧٢ غرامًا. معجم لغة الفقهاء ص ٢٧٠.
(٦) في المطبوع: أَو، وما أَثبتناه من المخطوط، وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>