للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الزَّكَاةِ

===

كتابُ الزَّكَاةِ

قَرَنَ الزكاة بالصلاة اقتداءً بكلام الله تعالى: {أَقِيمُوا الصلاةَ وآتُوا الزكاةَ} (١) ، ولولاه لعقَّب الصوم بها، لأَنهما عبادتان بدنيتان، ولذا قَدَّمَ الصوم على الحج لتوقف وجوبه على المال وغيره.

والحاصل: أَنَّ العبادة: إِمَّا بدنيةٌ كالصوم، (والصلاة) (٢) ، وإِمَّا ماليةٌ كالزكاة، وإِمَّا مركبةٌ منهما كالحج، ولهذا تأَخَّرَ وصار ركناً خامساً من أَركان الإِسلام التي أَصلُها التصديقُ والإِقرارُ بالشهادتين، ونزل فيه قولهُ تعالى: {اليومَ أَكْمَلْتُ لكم دِينَكُمْ} (٣) . ثم تركيبُ هذا البناء (٤) يَدُلُّ على النَّماء، يُقَالُ: زَكا الزرعُ إِذَا نَمَا، وسُمِّيَتْ بها، لأَنها سَبَبٌ نما بالعِوَضِ في الدنيا، والثواب في العُقْبى، قال تعالى: {وما أَنْفَقْتُم مِنْ شَيءٍ فَهُو يُخْلِفُه} (٥) ، أَوْ على الطهارةِ، ومنه قوله تعالى: {وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وزكاةً} (٦) ، أَيّ طهارة، وفيها معنى التطهير، قال تعالى: {خُذْ من أَمْوَالِهِم صَدَقةً تُطَهِّرُهُم وتُزَكِّيهم بها} (٧) ، وسمّيت بها لأنها تُطَهِّرُ صاحبَها من الذنوب، أَوْ من رذيلة البُخْل الذي هو من أَكبرِ العيوب. وسُمِّيَتْ صدقةً لِدلالَتِها على صِدْق العبدِ في العُبوديَّة، وامتثاله لِحَقِّ الرّبوبية. وقوله: {تُزَكِّيهم} أَي تُثْنِي عليهم.

وفي الشرع: عبارةٌ عن تمليك جُزْءٍ من النصاب الحَوْلي للفقير ومَنْ بمعناه، لأَنها توصف بالوجوب. وقيل: هي اسم للقَدْرِ الذي يُخْرَج للفقير، لقوله تعالى: {وآتُوا الزكاةَ}، ومعلوم أَنَّ مُتَعَلَّقَ الإِيتاءِ وهو المالُ، لأَنَّ الإِيتاء بدونه من المَحَال. والله سبحانه وتعالى أَعلم بالأَحوال.


(١) سورة البقرة، الآية: (٤٣).
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٣) سورة المائدة، الآية: (٣).
(٤) أي لفظ الزكاة.
(٥) سورة سبأْ، الآية: (٣٩).
(٦) سورة مريم، الآية: (١٣).
(٧) سورة التوبة، الآية: (١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>