للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تَجِبُ إِلَّا عَلى حُرٍّ،

===

هي فريضة لقوله تعالى: {وآتُوا الزكاةَ}، وإجماع الأُمة، والأَحاديث الواردة: منها ما رواه الترمذي، وصححه ابن حِبَّان في «صحيحه»، والحاكم وقال: على شرط مسلم، عن سُلَيْم بن عامر قال: سمعت أَبا أُمامة يقول: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: «اتقوا الله، وصَلُّوا خَمْسَكم، وصوموا شهركم، وأَدُّوا زكاة أَموالكم، وأَطيعوا ذا أَمركم، تدخلوا جَنَّةَ ربِّكم».

ومنها ما رواه أَحمد والشيخان والترمذي والنسائي عن ابن عمر مرفوعاً: «بُنِي الإِسلامُ على خمسٍ: شهادةِ أَنْ لا إِله إِلاَّ الله وأَنَّ محمداً رسول الله، وإِقامِ الصلاةِ، وإِيتاءِ الزَّكاةِ، وحجِّ البيت، وصومِ رمضان».

وكان فرضيتُها في السَّنَةِ التي فُرِض فيها الصومُ، وهي السَّنة الثانية من الهجرة. وقيل: قبل الهجرة إجمالاً، وبعدها تفصيلاً. وهذا أيضاً يَصْلُحُ أَنْ يكونَ وجهاً لتقديم كتاب الزكاة على الصوم.

وفي «المحيط»: قال أَبو الحسن الكَرْخِي: إِنها تجب على الفور. وفي «المنتقى»: إِذا ترك حتى حال عليه حَوْلانِ، فقد أَساء وأَثِم. وعن محمد: إِنْ لم يؤدِ الزكاة لم تُقْبَل شهادته. وذكر ابن شجاع عن أَصحابنا: أَنها على التراخي، وهكذا ذكر أَبو بكر الجَصَّاص.

وفي التحقيق: أَنَّ الأَمر المطلق عن الوقت ـ وهو الأَمر الذي لم يتعلق أَداء المأمور به فيه بوقت محدود على وجه يفوت الأَداء (بفوته) (١) ، كالأَمر بالزكاة، وصدقة الفطر، والعُشْر، والكفارات، وقضاء رمضان، والنذر المطلق ـ ذهب أَكثر أَصحابنا، وأَصحاب الشافعي، وعامة المتكلّمين: إِلى أَنَّه للتراخي، وذهب بعض أَصحابنا، منهم الشيخ أَبو الحسن الكَرْخِي، وبعض أَصحاب الشافعي، منهم الشيخ أَبو بكر الصَّيْرفي وأَبو حامد: إِلى أَنَّه للفور، وكذا كل من قال بالتكرار يلزمه الفور. ومعنى يجب على الفور: أَنه يجب تعجيل الفعل في أَول أَوقات الإِمكان. ومعنى يجب على التراخي: أَنه يجوز تأخيره عن أَول أَوقات الإِمكان، لا أَنه يجب تأخيره عنه بحيث لو أتى به فيه لا يُعْتَدُّ بِهِ (٢) ، لأَنه ليس مذهباً لأَحد.

(لا تَجِبُ) عَبَّر بالوجوب، لأَن بعض مقادير الزكاة ثابت بأَخبار الآحاد، أَوْ لأَن استعمال الوجوب في الفرض ـ مجازاً ـ كثيرٌ (إِلاَّ عَلَى حُرَ) احتراز عن


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) في المطبوع: "لا يعتبر به"، وما أثبتناه من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>