للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكُلُّ عُضْوٍ ذَهَبَ نَفْعُهُ بِضَرْبٍ فَفِيهِ دِيَةٌ.

[فَصْلٌ في الشِّجَاجِ]

وَلَا قَوَدَ في الشِّجَاجِ إِلاّ في المُوضِحَة عَمْداً،

===

وهو خمسٌ من الإبل، في قلع كلّ سنَ إذا كان خطأً، سواء كان ضِرْساً أو ثَنِيَّة (١) لِمَا أخرجه أبو داود عن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جدّه، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسنان خمسٌ من الأبل في كلّ سنَ. وَلِمَا في كتاب عمرو بن حَزْم: «وفي السنِّ خمسٌ من الإبل» (٢) .

ولما أخرجه أبو داود وابن ماجه عن قتادة، عن عِكْرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الأصابع والأسنان سواء»، وفي رواية البزَّار عنه موقوفاً: أن الأسنان كَلّها سواءٌ: الثَّنِيَّة والضِّرْس سواءٌ، هذه وهذه سواءٌ. ولأنّ الكلَّ في أصل المنفعة ـ وهو المضغ ـ سواءٌ، وبعضها وإن كان فيه زيادة منفعةٍ، لكن في البعض الآخر جَمَالٌ، وهو كالمنفعة في الآدميّ. وإنما قيّدنا بالخطأ، لأن العمد فيه القصاص. ولو قلع جميع أسنانه تجب ستة عشر ألفاً، وليس في البدن عضوٌ ديته أكثر من دية النَّفس سوى الأسنان، وفيه إيماءٌ إلى أن موت الإنسان أهون من فوت الأسنان.

وفي الكَوْسَج تجب أربعة عشر ألفاً، لأن أسنانه تكون ثمانية وعشرين. حُكِيَ أنّ امرأة قالت لزوجها: يا كَوْسَج. فقال: إن كنت كَوْسجاً، فأنتِ طالقٌ. فَسُئِلَ أبو حنيفة فقال: تعدّ أسنانه إن كانت ثمانية وعشرين، فهو كَوْسَجٌ.

(وَكُلُّ عُضْوٍ ذَهَبَ نَفْعُهُ بِضَرْبٍ فَفِيهِ دِيَةٌ) كما لو ضرب يده فشُلَّت، أو عينه فذهب ضوؤها.

(فَصْلٌ في الشِّجَاجِ)

(وَلَا قَوَدَ في الشِّجَاجِ) وهي في اللُّغة: ما يكون في الرأس والوجه، وأمّا ما يكون في غيرهما فيسمّى جِرَاحة (إِلاّ في المُوضِحَة عَمْداً) وهي التي توضح العظم أي تُبَيِّنهُ وتظهره، لما أخرجه البيهقي مرسلاً عن طاوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا طلاق قبل ملك، ولا قصاص فيما دون المُوضِحَة من الجراحات». وأخرج عبد الرَّزَّاق في «مصنفه» عن الحسن وعمر بن عبد العزيز: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يقضِ فيما دون


(١) الثَّنِيَّة: إِحدى الأسنان الأربع التي في مقدَّم الفم، ثِنتان من فوق، وثِنتان من تحت. المعجم الوسيط ص ١٠، مادة (ثنى).
(٢) سبق تخرجه عند الشارح ص ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>