للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ في سُجُودِ السَّهْوِ

يَجِبُ بَعْدَ سَلامٍ وَاحِدٍ: سَجْدَتَانِ، وَتَشَهُّدٌ، وسَلامٌ

===

قال مالك خلافاً للشافعي. وأما الكافر الأصلي فلا يلزمه إجماعاً لقوله تعالى: {إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (١) . ويُعْذَرُ من أسلم في دار الحرب بجهل الشرائع من الأحكام الواجبة: كإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، مدة جهله، خلافاً للشافعي وأحمد وزُفَر. وأمّا في دار الإسلام، فلا يُعْذَرُ بجهله لأنها دار علم وإعْلَام وشيوع أحكام، فلا يُعْذَرُ في ترك تعلّمه إجماعاً. وكذا دلائل وجود الصانع ظاهرة فلا يُعْذَرُ أحد بجهله في عدم معرفته إجمالاً (٢) .

فصلٌ في سُجُودِ السَّهْوِ

(يَجِبُ بَعْدَ سَلَامٍ وَاحِدٍ سَجْدَتَانِ وَتَشَهُّدٌ وسَلَامٌ) أمَّا كون سجود السهو واجباً فلأنه (شُرِع) (٣) لجبر نقصان في عبادة، فصار كالدماء في الحج، وهو اختيار الكَرْخِيّ. قال القُدُوري: وهو الصحيح. ولهذا يَرْفَعُ التشهدَ والسلام (٤) . وقال بعضهم: ـ قيل: وهم عامة أصحابنا ـ هو سنّة. وأخذوا ذلك من قول محمد: إنَّ العَوْدَ إلى سجود السهو لا يرفع التشهد ـ يعني القعْدَة ـ ولو كان واجباً، لرفعها كما ترفعها السجدة الصُّلْبِيَّة وسجدة التلاوة. وأُجِيبَ بأنّ الشيء لا يَرْتَفِعُ بما هو دونه والقعْدَة الأخيرة ركن، فلا تُرْفَع بسجدة السهو التي هي غير ركن، بخلاف السجدة الصلبية فإنها ركن، وبخلاف سجدة التلاوة فإنها أثر القراءة وهي ركن فتعطى حكمها.

وأمّا كون سجدة السهو بعد السلام، فَلِمَا في الكتب الستة عن عبد الله بن مسعود قال: «صلى بنا النبيّ صلى الله عليه وسلم الظهر خمساً فقيل له: أَزِيدَ في الصلاة؟ فقال: «وما ذاك؟ قيل: صلّيت خمساً، فسجد سجدتين بعدما سَلَّم». وما أخرجوه إلاَّ الترمذي عن منصور بن المُعْتَمِر، عن إبراهيم، عن عَلْقَمَة قال: قال عبد الله بن مسعود: صلَّى النبيّ صلى الله عليه وسلم قال إبراهيم: فلا أدري زاد أو نقص، فلما سلم قيل: يا رسول الله أَحَدَث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صلّيت كذا وكذا، قال: فثَنَى رجليه، واستقبل


(١) سورة الأنفال، الآية: (٣٨).
(٢) في المطبوع إجماعًا، والمثبت من المخطوط.
(٣) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٤) أي يرفع سجودُ السهو التشهدَ والسلام، لذا بعد أن يُسَلِّم عن يمينه يقرأ التشهد كاملًا ويدعو، ثم يُسَلِّم سلامين.

<<  <  ج: ص:  >  >>