للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

جَعْفَر: أن الترتيب يعود بعد سقوطه. وقال صاحب «الهداية»: إنه الأظهر.

ويُعْتَبَرُ أن تكون الست من وقت الفوائت سواء كان كلها فوائت أو بعضها (١) . وقيل: يُعْتَبَرُ أن تكون الفوائت، نفسها ستّاً (٢) .

هذا، ويلزم المُرْتَدَّ عَقِيبَ فرضٍ أدّاه: صلاة كان أو حجّاً، وأسلم في الوقت، إعادتُه ثانياً (٣) . وبه قال مالك خلافاً للشافعي لقوله تعالى: {ومَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} (٤) عَلَّقَ الإحباط بموته على كفره. ولم يُوجَدْ شرطُ ما يُعَلَّقُ الإحباط به لإسلامه في وقتها، فلا يجب عليه إعادتها. ولنا: قوله تعالى: {ولَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} (٥) وقوله: {ومَنْ يَكْفُرْ بالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (٦) علّق الإحباط بنفس الشرك والكفر، وقد وُجِدَ فنزل المشروط.

والجوابِ عن الآية السابقة: أنَّ المراد حبوط عمله في الدنيا والآخرة، وهو لا يكون إلاَّ بموته على الكفر (٧) . وأما صوم المغتاب وصلاة المُرَائِي فلم يبطل ثوابهما من الأصل، ولكن حَصَّلَ من الرياء والغِيبة من الوبال ما ورد، لأنه بالغيبة والسُّمْعَة لا يخرج عن أهْلِيَّة الخطاب. بخلاف الكفر.

ولا يلزم المرتدَّ بعد التوبة قضاءُ ما فاته من صلاة وصيام زمن الرِّدَّة عندنا. وبه


(١) اعلم أن الفوائت إما أن تكون حقيقية أو حكمية، وإطلاقها هنا يفيد شمولها لكليهما، ولتقريب عبارة الشارح نضرب المثال التالي: إذا ترك فرضًا وصلى بعده خمس صلوات ذاكرًا له، فإِن الخمس تفسد فسادًا موقوفًا. فالمتروكة فائتة حقيقة وحكمًا، والخمسة الموقوفة فائتة حكمًا فقط. فأصبح معنى قوله: "يُعْتَبَرُ أن تكون الست من وقت الفوائت، سواء كان كلها فوائت أو بعضها"، أي أن يكون بعضها حقيقيًا وبعضها حكميًا. "رد المحتار على الدر المختار" ١/ ٤٨٩ بتصرف.
(٢) أي أن تكون الفوائت الحقيقية ستًا.
(٣) لأنه حبط بالردة. فلو صلّى الظهر مثلًا، ثم ارتدَّ عن الإسلام بقول أو بفعل - والعياذ باللَّه تعالى -، ثم عاد للإسلام، بلفظ الشهادتين ولم يمضِ وقت الظهر بعد، لزمه الإعادة. وكذلك الحج، لأن وقته العمر وسببه باقٍ وهو البيت، فلَمَّا حبط عمله بالردة ثم أدرك وقته مسلمًا لزمه. انظر "رد المحتار"٤/ ٤٩٤.
(٤) سورة البقرة، الآية: (٢١٧).
(٥) سورة الأنعام، الآية: (٨٨).
(٦) سورة المائدة، الآية: (٥).
(٧) لأن الله سبحانه وتعالى ذكر في قوله: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ .... } الآية، عملين: أحدهما. الرِّدَّة، والآخر: الموت عليها - أي الاستمرار عليها إلى الموت -. وذكر جزاءين، لكل عمل جزاء، فإحباط الأعمال جزاء الردة، والخلود في النار جزاء الموت عليها. "رد المحتار" ١/ ٤٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>