للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو فَاتَتْ سِتٌّ.

===

وقال الحسن: «من لا يعلم أنَّ الترتيب فرض فهو كالناسي». وبه أخذ كثير من المشايخ. وقال مالك في المشهور عنه: إنه لا يسقط بهما. لإطلاق ما رَوَيْنَا.

(أو فَاتَتْ سِتٌّ) أي ست صلوات من الفروض الخمسة لا الوتر، حديثة كانت أو قديمة، لأن الاشتغال بالفوائت الكثيرة يؤدي إلى تفويت الوقتية ـ كذا قيل ـ وفيه نظر ظاهر. والكثرة تحصل بالدخول في حد التكرار. والدخول في أول حد التكرار يحصل بكون الفوائت ستّاً. فالمعتبر خروج وقت السادسة في ظاهر الرواية.

واعتبر محمد في رواية عنه: دخول وقت السادسة لا فوتها، لأن الكثير من كل شيء جنسه الاستغراقي، وكل الجنس في الصلوات الخمس كالشهر في الصوم، فالزائد عليها في حكم التكرار. وأسقط مالك الترتيب بصيرورة الفوائت خمساً. وهو رواية عن أبي حنيفة. لأن قوله عليه الصلاة والسلام: «من نام عن صلاة» (١) . شامل للقليل والكثير، ولكن خَصَّصْنَاه بما دون الكثير الذي يتكرر بوظيفة اليوم والليلة تحرّزاً عن المشقة.

وقال زُفَر: لا يسقط الترتيب بكثرة الفوائت إذا كان الوقت يسعها مع الوقتية. وإن كانت الفوائت عشراً، أو أكثر ولو شهراً، لأن مراعاة الترتيب حكم اسْتُفِيدَ بخبر الواحد، وليس في العمل به ترك حكم الكتاب لاتساع الوقت للكل، فجمع بينهما. أمَّا إذا لم يسع الكل، فإن العمل بالخبر حينئذٍ يؤدي إلى ترك العمل بالكتاب، فَيُقَدَّمُ حكم الكتاب على حكم الخبر. وعند ابن أبي لَيْلَى: لا يسقط الترتيب إلى سَنَة. وعند بِشْر بن غِيَاث: لا يسقط في جميع العمر لعدم الفصل في دليل الوجوب.

ثم كما تُسْقِطُ الستُّ الترتيبَ في الأداء تُسْقِطُ في القضاء، لأن الفوائت لَمَّا أسقطت الترتيب في غيرها فلأَنْ تُسْقِطَهُ في نفسها أولى. ومتى سقط الترتيب لا يعود في أصح الروايات، حتى لو ترك صلاة شهر وقضاها إلاَّ صلاة، ثم صلّى الوقتية ذاكراً لها (٢) ، جاز. وهو اختيار شمس الأئمة، وفخر الإسلام، وقاضيخان، وغيرهم. قال أبو حَفْصٍ الكبير: وعليه الفتوى، لأنَّ الساقط مُتَلَاشٍ، فلا يحتمل العود، كماء قليل نجس ورد عليه ماء جار حتى كَثُرَ، ثم عاد قليلاً، فإنه لا يعود نجساً. واختار الفقيه أبو


(١) أخرجه النسائي في سننه ١/ ٢٩٣، كتاب الصلاة (٥)، باب فيمن نام عن صلاة (٥٣) رقم (٦١٥).
(٢) أي الصلاة التي لم يُصَلِّها.

<<  <  ج: ص:  >  >>