للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا إذَا ضَاقَ الوَقْتُ، أوْ نَسِيَ،

===

يثبت به الوجوب.

وأما كونه شرطاً كما هو ظاهر المذهب، فغير ظاهر وإلا لَمَا سقط بالنسيان وضيق الوقت وكثرة الفوائت. وأمّا قول بعضهم وقع الحديث بياناً لمجمل الكتاب وهو قوله تعالى: {وأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (١) فثبت لجواز الوقتية شرطاً به، فمدفوع بأنهم ما عَمِلُوا بخبر الفاتحة مثل ما عملوا بخبر الترتيب، حيث قالوا بفساد الصلاة عند ترك الترتيب لا عند ترك الفاتحة، وكذا قالوا بفسادها لو صلّى بمسح الرأس أدنى من الربع، مع أنه ثبت بخبر الآحاد مبيناً لِمَا أُجْمِلَ في الكتاب. ولا يظهر فرق بين المسائل الثلاثة.

فالحاصل: أن مقتضى الدليل وجوب تقديم الفائتة دون فساد الوقتية لو لم تُقَدَّم، فإن لم يفعل أَثِمَ لترك مقتضى خبر الواحد كترك الفاتحة سواء، لكن قال بعض المحققين: هذا إحداث قول ثالث بين القول بالاستحباب والقول بالوجوب على وجه يُفْسِدُ الوقتية، وهو لا يجوز ـ يعني في العرف والعادة ـ وإلاّ فأي مانع من الكتاب والسنة على هذه الإرادة مع أنه ليس فيه خلاف إجماع السلف، ولا اتفاق الخلف.

(إلاَّ إذَا ضَاقَ الوَقْتُ) بحيث صار الباقي منه عند الشروع لا يسع الفائتة والوقتية جميعاً، ولو كان الباقي من الوقت يسع بعض الفوائت والوقتية، قضى ما يسعه من الفوائت مع الوقتية، وهو الصحيح. ثم المعتبر عند محمد: الوقت المستحب، وعندهما: أصل الوقت. فلو تذكر الظهر وقت العصر، وكان بحيث لو قدم الظهر يقع العصر في الوقت المكروه، يسقط الترتيب عند محمد، ولا يسقط عندهما. وإنما كان ضيق الوقت مسقطاً للترتيب، لأن في اعتبار الترتيب مع ضيق الوقت تفويت الوقتية.

(أوْ نَسِيَ) لأن الوقت إنما يصير للفائتة بالتذكر. والترتيب يسقط بعذر العجز، كما يسقط بعذر النسيان، كفوت ثلاث من ثلاثة أيام كظهر وعصر ومغرب نَسِيَ ترتيبها على الأصح. وفي «الصحيحين» عن أنس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ نَسِي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلاَّ ذلك. قال الله تعالى: {وأَقِمِ الصَّلَاةِ لِذِكْرِي} (٢) ». ولمسلم «من نَسِيَ صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصلّيها إذا ذكرها».


(١) سورة البقرة، الآية: (٤٣).
(٢) سورة طه، الآية: (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>