للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلْ [في البَيْعِ الصَّحِيْحِ وَالبَاطِلِ والفَاسِدِ والمَكْرُوْهِ]

بَطَلَ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ كالدَّمِ، وَالمَيْتَةِ، والحُرِّ، وأتْبَاعِهِ.

===

وشرط عيسى بن أَبان فِقْه الراوي لتقديم الخبر على القياس، واختاره أبو زيد الدَّبُوسِيّ، وخرَّج عليه حديث المُصَرَّاة، وتابعه أكثر المتأخرين.

ونفاه الكَرْخِيّ ومَن تابعه من أصحابنا وقبلوا خبر كلّ عدلٍ ضابطٍ وقدّموه على القياس، ومنعوا أيضاً أنّ أبا هُرَيْرَة لم يكن فقيهاً، وقالوا: بل كان فقيهاً وكان يُفْتِي في زمن الصَّحابة، وما كان يُفْتِي في زمانهم إلاّ فقيهٌ مجتهدٌ، مع أَنّه كان من المُتَبحِّرين من عِلْيَةِ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال إسحاق الحَنْظَلِيّ ثبت عندنا في الأحكام ثلاثة آلاف من الأحاديث: روى أبو هريرة منها ألفاً وخمس مئة. وقال البُخَارِيّ: روى عنه سبع مئة نفرٍ من أولاد المهاجرين والأنصار. وقد روى جماعة من الصحابة عنه، فلا وجه لردّ حديثه بالقياس؛ وهذا غاية التحقيق والله وليّ التوفيق.

والمختار فيه: الرُّجوع بالنقص على رواية شرح الطَّحَاويّ، يعني أنّه لَمّا امتنع الرّدّ بسبب الزِّيادة المنفصلة منها يرجع بحصّة النُّقصان من الثَّمن، ولا يرجع على رواية «الأَسْرَار»، لأنّ اجتماع اللّبن في الضَّرْع وجمعه لا يكون عَيْباً، ولأنه مُغْتَرٌّ بكبر ضَرْعِها لا بقول البائع. ووجه المختار: أنّ الموجود من التَّصْرِية غرورٌ منه للمتشري بالفعل، حيث تزداد رغبته في شرائها، فاغتراره بواسطة هذا الفعل كاغتراره بقول البائع: إنّها حلوبٌ غزيرةُ اللبن. وإنّما صَحّ البيع بناءً على أنّ شرط كونها حلوباً لا يُفسِد البيع، لأنّه شرطُ وصفٍ مرغوبٍ فيه، وهو رواية الطَّحَاوِي، والله سبحانه أعلم.

فصلٌ

(في البَيْعِ الصَّحِيح، وَالبَاطِلِ، وَالفَاسِدِ، وَالمَكْرُوه)

(بَطَلَ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ) سواء كان ثمناً أو مثمَّناً لانعدام ركن البيع، وهو مبادلة المال بالمال (كالدَّمِ وَالمَيْتَةِ) والتُّرَابِ (والحُرِّ وأتْبَاعِهِ) من أمّ الولد والمكاتَب الذي لم يرض، فإنّ الذي رَضِيَ يجوز بيعه على أظهر الرِّوايتين عن أبي حنيفة ـ ومعه الشَّافعي ـ والمُدَبَّرالمطلق، فإنّ المقيّد يجوز بيعه عندنا. وعند مالك والشَّافعيّ وأحمد: يجوز بيع المطلق أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>