للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتَابُ إحْيَاءِ المَوَاتِ

هي: أرضٌ بِلا نَفْعٍ لانْقِطَاعِ مَائِهَا ونَحْوِهِ، ولا يُعْرَفُ مَالِكُهَا، بَعِيدَةٌ عن العَامِرٍ، لا يُسْمَعُ صَوْتٌ مِنْ أَقْصَاه. مَنْ أحْيَاهُ مَلَكَهُ إِنْ أَذِنَ لَهُ الإِمَامُ.

===

كتاب إِحْيَاءِ المَوَاتِ

(هي) أَي الموات (أَرْضٌ بِلا نَفْعٍ لانْقِطَاعِ مَائِهَا) في أَرضٍ لا تُزْرَعُ إِلاَّ بِمَاءِ الأَنْهَار أَوْ الآبار (ونَحْوِهِ) مِنْ غَلَبَةِ الماء عليها، أَوْ كونها سَبْخَةً (١) ، أَوْ نَازَّةً (٢) ، أَوْ تَعَذَّرَ زَرْعُهَا لكثرة الشجر أَوْ الحجر أَوْ الرمل فيها. وسُمِّيت بذلك تشبيهاً لها بالحيوان الميت في عدم الانتفاع به.

(ولَا يُعْرَفُ مَالِكُهَا) عَطْفٌ على «بلا نفع»، وفي بعض النسخ: «لا يعرف» بلا «واو»، فهو صِفَةٌ ثانيةٌ لأَرض، أَي غير مملوكةٍ لمسلم ولا ذِمِّي. وعدمُ معرفة مالكها: إِما بأَن لا يكون لها مالك في الإِسلام، وهو حقيقةُ الموات، وإِما بأَن يكون لها مالك فيها ولا يُعرف، فليس هذا بحقيقةِ الموات، وإِنما حُكْمه حكم الموات حيث يَتَصَرَّف فيه الإِمام كما يتصرف في الموات.

فلو ظهر المالك بعد ذلك أَخَذَهَا وضمن له مَنْ زَرْعَهَا إِنْ نَقَصَتْ بالزراعة، وإِلاَّ فلا شيء عليه، وهو المختار للفَتْوى.

(بَعِيْدَةٌ عن العَامِرِ (٣) ) وحدُّ بُعْدِها أَنْ تكون بحيث (لا يُسْمَعُ) فيها (صَوْتٌ مِنْ أَقْصَاه) أَي أَقصى العامر ومنتهاه، وهذا عند أَبي يوسف رحمه الله، لأَن الظاهر أَنَّ ما يكون قريباً من العامر لا ينقطع ارتفاق (٤) أَهْلِهِ عنه، فيدور الحكم بالإِحياء على البعد. وعند محمد يُشترط في الموات انقطاع الارتفاق حقيقةً، وإِن كان الموات قريباً من العامر. واعتمد شمس الأَئمة السَّرَخْسي على قول أَبي يوسف رحمه الله.

(مَنْ أَحْيَاهُ) أَي عمره (مَلَكَهُ) مُسْلِمَاً كان أَوْ ذِمِّيَاً، لأَنهما لا يختلفان في سبب المِلْك (إِنْ أَذِنَ لَهُ الإِمَامُ) في إِحيائه حتى لو أَحياه بغير إِذْن الإِمام لا يملكه، وهذا عند أَبي حنيفة رحمه الله. وقالا: يملكه مَنْ أَحياه، أَذِن له الإِمام أَوْ لم يأَذن، وبه قال مالك


(١) السَّبْخَةُ: أَرضُ ملحٍ ونزٍّ لا تكاد تُنبت. المعجم الوسيط ص ٤١٣، مادة (سَبَخَ).
(٢) النَّزُّ: ما يتحلَّب من الأَرض من الماء. مختار الصحاح ص ٢٧٢، مادة (نزز).
(٣) العامِر من الأَرض: ما يُنْتَفع به بوجهٍ من وجوه الانتفاع، كالغرس والزرع والبِنَاء. معجم لغة الفقهاء ص ٣٠٢.
(٤) الارتفاق: ارتَفَقَ به أَي انتفع واستعان. المعجم الوسيط ص ٣٦٢، مادة (رَفَقَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>