للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أحْكَامُ الأسآر]

وسُؤرُ الآدَمِيِّ والفَرَسِ

===

وهذا في حقِّ الوُضوء، وأمَّا في حقِّ غيرِه فيُحكَمُ بنجاستها منذُ وُجِدَ، حتى لو توضَّؤُا منها في تلك المدةِ أعادوا صلواتِهم، ولو غَسَلوا ثيابَهم منها في تلك المدةِ لم يَلزَمْ غَسْلُها على الصحيح (١) ، لأنه مِنْ بابِ وجودِ النجاسة في الثوب. ولو وَجَدَ في ثوبِه نجاسةً أكثرَ مِنْ قَدْرِ الدرهم ولم يَدْرِ متى أصابَتْه لا يُعيدُ شيئاً من صلاته بالاتفاق، لأنَّ الثوبَ شيء ظاهر يَطَّلِعُ صاحبُه أو غيرُه على إصابةِ النجاسةِ، فإذا لم يَشْعُر به هو ولا غيرُه عُلِمَ أنه أصابته للحال. ولا كذلك البِئرُ، فإنها غائبةٌ مَخْفِيَّةٌ عن العين لا يُدْرَى ما فيها.

ومن الفروع: البُعْدُ بين البالوعةِ والبئرِ المانِعُ من وصولِ النجاسة إلى البئرِ خمسةُ أَذرع، وفي رواية: سبعةُ أذرع، والمعتبَرُ هو الطَّعمُ أو اللونُ أو الريحُ، فإنْ لم يتغيَّر جاز وإلاَّ فلا ولو كان عشرةَ أذرع.

ثم اعلمْ أنَّ جميعَ ما ذُكِرَ في مسائل البئر إنما هو على تقدير أن يكونَ وجْهُ الماءِ في البِئرِ أقلَّ من عَشْرٍ في عَشْر، (أمَّا إذا كان عَشْراً في عَشْر فلا حاجة إلى النَّزْح. وفي «القنية»: إذا كان عُمقُ ماءِ البئرِ عشرةَ أذْرُع) (٢) فصاعداً لا يَتنجَّس في أصحِّ الأقوال، ونَقَلَ عن «جَمْع التفاريق»: إذا كان الماءُ فيها بقَدْرِ الحوض الكبير لا يَنْجُس (٣) .

(أحكام الأَسآر)

(وسُؤرُ الآدَمِيِّ) بالهمزة ويُبْدل، وهو: بَقيَّةُ ماءِ الشُّرب، مسلماً كان أو كافراً، جُنُباً كان أو حائضاً، إلاَّ حالَ شُربِه الخمرَ لأنها نَجِسَة، فتُلاقي الماءَ فتُنَجِّسُه، فإنْ ابتلَعَ رِيقَهُ ثلاثَ مرَّاتٍ طهَرَ فمُهُ عند أبي حنيفة رحمه الله، لأنَّ المائعَ غيرَ الماءِ مطهِّرٌ عنده من غير اشتراطِ الصَّبّ.

(والفَرَسِ) أيْ على الأصحِّ، إذ قيل بكراهتِهِ والشكِّ فيه، والمعتمدُ: أنَّ حُرمةَ


(١) هذا ما ذكره الزيلعي في "التبيين" ١/ ٣٠، وخالفه المرغيناني في "الهداية" (فتح القدير) ١/ ٩٣.
وابن عابدين في "رد المحتار" ١/ ١٤٦ فالمعوَّل عليه: غسل كلِّ شيء أصابه ماؤها.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) قال ابن عابدين في "رد المحتار" ١/ ١٣١ و ١٤١: "تصحيح هذا القول غريب متوغِّل في الإغراب، مخالف لما أطلقه جمهور الأصحاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>