للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَنْجُسُ مِن وقتِ الوقوعِ إِنْ عُلِمَ، وإِلَّا فمنذُ يومٍ وليلةٍ، وإن انتَفَخَ فمنذُ ثلاثةِ أيامٍ وليالِيها. وقالا: منذُ وُجِدَ.

===

السُّجُود} (١) .

ولا يَفْسُدُ الماءُ مِنْ وقوعِ آدِميَ أو ما يُؤَكَلُ لحمُهُ إذا خرَجَ حَيّاً ولم يَكن عليه نجاسةٌ، هو الصَّحِيح، سواءٌ كان جُنُباً أو مُحْدِثاً. ثم ماءُ البئرِ والجُنُبُ المنغمِسُ فيه لطلبِ السِّقاءِ (٢) لا لدَفْعِ الحدَثِ: طاهِرانِ في الأصحِّ عند أبي حنيفة، وعلى حالِهما عند أبي يوسف، وطاهِرٌ وطَهُورٌ عند محمد. والتحقيقُ أنَّ بقاءَهُ طهوراً للضرورة، كما قالوا جميعاً: لو أَدخَلَ المُحدِثُ أو الجُنُبُ أو الحائِضُ يدَهُ في الماءِ للاغترافِ طَهَرَتْ، ولا يَصِيرِ مستعمَلاً استحساناً، لما رُوِيَ أن المِهْرَاسَ (٣) كان يُوضَعُ على باب مسجدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وفيه ماء، وكان أصحابُ الصُّفَّةِ يَغتَرِفون منه للوضوءِ وغيرِه بأيديهم. ولأنَّ فيه بَلْوَى وضَرُورَةً وحاجةً.

(وتَنْجُسُ) البئر (مِنْ وقتِ الوقوعِ) أي وقوعِ الحيوان الذي وُجِدَ ميتاً فيها (إِنْ عُلِمَ) ذلك الوقتُ (وإِلاَّ) أي وإنْ لم يُعلَمُ وقتُ الوقوع، فإن لم ينتفخ الحيوانُ في ماءِ البئر (فمنذُ) أي تَنْجُسُ مِنْ ابتداءِ (يومٍ وليلةٍ) وهذا كلُّه إذا كان الواقعُ نَجِساً أو حيواناً ميتاً ولم ينتَفِخ في الماء.

(وإِن انتَفَخ) أي في الماء (فمنذُ) أي فتَنْجُسُ مِنْ ابتداءِ (ثلاثةِ أيامٍ وليالِيها).

(وقالا): لا تَتَنجَّسُ إلاَّ (منذُ وُجِدَ) فيها لأنَّ الماءَ طاهرٌ بيقين، ووقع الشكُّ في نجاسته فيما مضى، واليقينُ لا يَزُول بالشكّ.

ولأبي حنيفة رحمه الله: أنَّ الوقوعَ سبَبٌ ظاهر للموت فيُستَنَدُ إليه، وإن احتَمَل الموتُ لغيره، لأنَّ الموهومَ لا يعتبر في مقابلةِ الظاهر، كمن جَرَحَ رجلاً فلم يَزَل صاحِبَ فراش حتى مات، فإنه يُحمَلُ موتُه على تلك الجِرَاحةِ لأنها السببُ الظاهِرُ وإن احتَمَلَ غيرُهُ بأن يَموتَ بسببٍ آخَر. لكنْ عدَمُ الانتفاخ دليلُ القُرْبِ فقُدِّر بيومٍ وليلة، لأنَّ ذلك أقلُّ المقادير في باب الصلاة. والانتفاخ دليلُ التقادُمِ فقُدِّرَ بالثلاثِ، كالصلاةِ على قَبْرِ مَنْ لم يُصَلَّ عليه.


(١) سورة البقرة، آية: (١٢٥).
(٢) أي الدلو.
(٣) المِهْراس: صخرة منقُورة تتَّسِعُ كثيرًا من الماء، وقد يُعمل منها حياضٌ للماء. النهاية ٥/ ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>