للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وَكَرَتْ (١) عليَّ بابَ الغار حتى سَلِمْتُ، فجزاها الله تعالى، بأنْ جَعَل المَسْجِدَ مَأْوَاها» (٢) . فهو دليلٌ على طهارةِ ما يكون منها، ويُقاسُ عليها نحوُها مِنْ طيرٍ يُؤكلُ لَحْمُها.

في «الهداية»: أجمَعَ المسلمون على اقتناءِ الحَمَامات في المساجد والعلِمِ بما يكون منها، مَعَ وُرودِ الأمر بتطهيرها. أمَّا الأوَّلُ فيرُادُ الإِجماعُ العَمَليّ، فإنها في المسجد الحرام مقيمةٌ مِنْ غيرِ نكير مِنْ أحَدٍ من العلماءِ مع العلِمِ بما يكون منها. وأمَّا الثاني فعن عائشة قالتْ: أمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ببناءِ المساجد في الدُّورِ، وأن تُنَظَّفَ وتُطَيَّبَ. رواه ابنُ حِبَّان في «صحيحه»، وأحمد، وأبو داود، والترمذي وغيرُهم. وقد قا

ل الله تعالى: {وعَهِدْنا إلى إبراهيمَ وإسماعيلَ أنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ للطائِفِينَ والعاكِفِينَ والرُّكَّعِ


(١) وَكَرَ الطائر: أي أتى الوْكَر - عش الطائر - أو دَخَلَه. القاموس المحيط ص ٦٣٥، مادة (وكر). وفي المطبوعة والمخطوطة: "أوكرت" والمثبت من الجزء الذي حققه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى "فتح باب العناية" ١/ ١٤٠.
(٢) قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى في تعليقه على "فتح باب العناية" ١/ ١٤٠: "وقد تعبت كثيرًا في الكشف عن هذا الحديث، فلم أر له ذكرًا في كتب الحديث التي عندي، حتى ولا في كتب الضعاف والموضوعات. ورجعت إلى كتب السيرة النبوية الواسعة مثل: "شرح المواهب اللدنية" للزرقاني ١: ٣٤٨، و "البداية والنهاية" لابن كثير ٣: ١٨١، فلم أره أيضًا.
ورأيت فيها عن "مسند البزّار" وابن عساكر من حديث أبي مُصعب المكي، قال: أدركتُ زيد بن أرقم، والمغيرة بن شعبة، وأنس بن مالك يتحدثون: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بات في الغار أمر الله شجرةً فنبتت في وجه الغار، وأرسل حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار، فلما رآهما فتيان قريش رجعوا قائلين: ليس في الغار أحد، فسمعها النبي - صلى الله عليه وسلم - فعرف أن الله قد درأ عنه بهما، فدعا لهما، وسَمَّت عليهما - بشد الميم أي: بَرِّك عليهما - وأُقْرِرْنَ في الحرم، وفُرِضَ جزاؤهن. انتهى مختصرًا. قال الحافظ ابن كثير: "وهذا حديث غريب جدًّا من هذا الوجه". ورواه الحافظ الزيلعي في "نصب الراية" ١: ١٢٣، وبَيَّن ما في سنده من علل.
ثم رأيت الإمام العيني رحمه الله عليه قال في "البناية شرح الهداية" ١: ٢٢٤ تعليقًا على حديث أبي أُمامة الذي ذكره الشارح: أورده السِّغْنَاقي في "النهاية"، وتبعه صاحب "الدراية"، ثم صاحب "العناية"، والعجب من هؤلاء يذكرون حديثًا ولا يعزونه إلى مُخَرِّجه ولا إلى كتاب". انتهى مصححًا.
قلتُ: والعجب من الشارح كيف تابعه في إيراده دون التثبت من ثبوته! وقد عاب رحمه الله تعالى هذا الصنيع على الفقهاء كما سبق منه في ص ٢. وقد أورده العلامة اللكنوي في حواشيه على "الهداية" ١: ٢٦ متابعةً منه لصاحب "العناية"، وهو الذي استوفى التنبيه على أن الأحاديث المنقولة في كتب الفقه لا يُعتمد عليها اعتمادًا كليًا إلا إذا أسندت إلى كتاب من كتب الحديث المعتمدة، أو كان مؤلفها من المحدثين المحققين".

<<  <  ج: ص:  >  >>