هو عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ. وصَحَّ بإقرار وسُكُوتٍ وإنكارٍ،
===
كتاب الصُّلْح
(هو) لغةً اسم للمُصالحة، بمعنى المُسالمة، وأَصله من الصَّلاح: وهو استقامة الحال، ضِدُّ الفساد.
وشرعاً:(عقد يرفع النزاع) أَي المُنازعة بين الخصمين.
(وصح) الصلح (بإِقرار) أَي مع إِقرار، (و) مع (سكوت) بأَن لا يُقِرّ ولا يُنكر، (و) مع (إِنكار) وبه قال مالك وأَحمد. وقال الشافعي: لا يصح إِلا مع الإقرار، لأن المُدَّعى عليه يدفع المال لدفع الخصومةِ، وذلك مع غير الإقرار رشوة، ولما روى أَبو داود في «سننه»، وابن حِبَّان في «صحيحه» من حديث أَبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصَلْح جائزٌ بين المسلمين إِلا صُلحاً أَحَلَّ حَرَامَاً، أَوْ حرَّم حلالاً». ورواه الترمذي من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المُزَني، عن أَبيه، عن جده.
ووجه الدِّلالة أَنّ الصُلْحَ مع إِنكار أَوْ سكوت أَحل حراماً أَوْ حرم حلالاً، لأن المُدَّعي إِنْ كان مُحِقّاً كان أَخذه المدَّعى به حلالاً له قبل الصُّلْح وحراماً عليه بعده، وإِن كان مُبْطلاً كان أَخذ المال على الدعوى الباطلة حراماً عليه قبل الصلح حلالاً بعده.
ولنا إِطلاق قوله تعالى:{والصُّلْحُ خَيْرٌ}(١) ، وإِطلاق أَول الحديث السابق. وأَما آخِرُه فمعناه أَحلَّ حراماً لعينه، كالصلح على خمر، أَوْ حَرَّم حلالاً لعينه: كصلح المرأَة زوجها على أَنْ لا يَطأَ ضَرَّتها. وهذا أَولى في معناه، لأن الصلح مع الإقرار في العادة يقعُ على بعض الحق، فما زاد على المأْخوذ إِلى تمام الحق كان حلالاً للمُدَّعي أَخذه قبل الصلح وقد حَرُم بالصلح وكان حراماً على المُدَّعى عليه قبل الصلح وقد حل بالصلح. ولأن الصلحَ عن إِنكار أَوْ سكوت صلحٌ بعد دعوى صحيحة فيُقْضَى بجوازه، لأن المُدَّعي يأْخذه عوضاً عن حقه في زعمه وهو مشروع، والمُدَّعى عليه يدفعه لدفع الخصومة عن نفسه وهو أَيضاً مشروع. لأن المال خُلق لصيانة الأنفس عن المهالك والمفاسد، ودفعُ الضرر أَمرٌ جائز.
نقل أَبو الليث عن أَبي يوسف جواز المصالحة، وفي نُسخة: المصانعة، وهي