عدونا، فقال: أَيمنعني ذلك من عدلك؟ قال: لا، كذبا، فقضى بالمرأَة له، وقضى بالولد للزوج الآخَر. إِلا أَنّ أَبا حنيفة قال: الحديث غيرُ مشهورٍ، فلا يُترك به القياس الظاهر، ولو ثبت وجب القول به.
وقال أَبو يوسف: الولد للأول إِنْ جاءت به لأقل من نصف سنة من حين العقد الثاني، وإِن جاءت به لستة أَشهر فصاعداً منذ تزوجها الثاني فهو من الثاني، سواء ادَّعَياَه أَوْ نفياه، لأن النكاح الفاسد يلحقُ بالصحيح في حكم النسب، فباعتراض الثاني على الأول ينقطع الأول في حُكْم النَّسَب ويكون للثاني.
والتقديرُ بأَدنى مدة الحمل اعتباراً للفاسد بالصحيح، وإِنما قلنا إِنْ الأول ينقطع بالثاني، لأنها بدخول الثاني بها تحرُم على الأول وتلزمها العدة من الثاني. ووجوب العدة ليس إِلا لصيانةِ الماء في الرحم، فلو لم يكن النسب بحيثُ يثبتُ من الثاني لم يكن لوجوب العدَّةِ عليها من الثاني معنى.
وقال محمد: هو للأول إِنْ جاءت به لأقلَ من سنتين منذ دخل بها الثاني، وللثاني إِنْ جاءت به لأكثر من سنتين منذ دخل بها، لأن وجوب العدة عليها من الثاني بالدخول لا بالنكاح، والحرمةُ إِنما ثبتت على الأول بوجوب العِدَّة من الثاني، فكانت حرمتُهَا عليه بهذا السبب كحرمتها عليه بالطلاق.
والتقدير بأَدنى مدة الحمل عند قيام الحمل، ولا حَدَّ بينهما، فالعبرة للإمكان، فإِذا جاءت به لأقل من سنتين منذ دخل بها الثاني، يُتوهم أَنْ يكون هذا من عُلوقٍ كان قبل دخول الثاني بها في حال حلِّها للأول، فكان النسبُ من الأول، وإِذا جاءت لأكثر من سنتين منذ دخل بها الثاني عُلِم أَنْ العُلوق لم يكن قبل دخوله، فكان النسبُ من الثاني، وكذا الخلاف لو ادعت الطلاق واعتدت فتزوجت، والزوج الأول جاحد لذلك إِذْ كلاهما في المعنى سواء، والله تعالى أَعلم بالصواب.