للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تُعْتَبَرُ دِعْوَة المُشترِيِ ولا البَائع بعد مَوْتِ الوَلَدِ أَو عِتْقِهِ، وكذا لو وَلَدَتْ لأكْثَرَ من نِصْفِ الحَوْلِ، أَو أقلَّ من سَنَتَين، إِلا إِذا صدَّقه المُشْتَريِ، وَلِسَنَتَيِن أَو أَكثرَ، وهي أمُّ وَلِدِهِ نِكَاحًا، إِن صَدَّقهُ المشتري.

===

(ولا تعتبر دِعوة المشتري) بكسر الدال (١) (ولا) دِعوة (البائع بعد موت الولد أَوْ عتقه) لأنه بالموت قد استغنى عن النسب، فتعذر إِثباتُهُ فيه، وبالإعتاق ثَبَتَ الولاءُ فيه، وهو كالنسب لا يمكنُ إِبطاله كما لا يمكن إِبطال النسب.

(وكذا) لا تعتبر دِعوة البائع (لو وَلَدَتْ لأكثرَ من نصفِ الحول، أَوْ أَقل من سنتين) من وقت البيع فلا يثبتُ النسبُ، لاحتمال أَنْ يكون العلوقُ بعد البيع (إِلا إِذا صدَّقه المشتري) فيثبتُ النسب من البائع للتصادق ويبطل البيع، ويكون الولدُ حراً والأم أُمُّ ولد. (ولسنتين أَوْ أَكثرَ) يثبت النسب (وهي أُمُ ولده نكاحاً إِنْ صَدَّقهُ المشتري) حملاً لحاله على الصلاح ولقول المشتري على الصدق. ولا يَبْطُل البيع لأنا تيقنا أَنّ العُلوق لم يكن في مِلك البائع، وإِذا لم يكن العلوقُ في مِلك البائع كانت دعوتُه دعوة تحرير وهو غير مالك، وغير المالك ليس بأَهل للتحرير، فلا تصح دعوة التحرير منه، فلم يعتق الولد ولم تَصِرْ أُمُّه أُمَّ ولد. قيد بتصديق المشتري، لأنه لو لم يُصَدِّقه لم تصح الدعوة للبائع، لأنه لم يوجد اتصال العُلوق بملكه يقيناً.

ولو أُخبرت امرأَةٌ بموت زوجها فاعتدَّت وتزوجت وجاءت بولد، ثم جاء الزوج الأول، فالولد للأول في رواية عن أَبي حنيفة، سواء جاءت به لأقلَّ من ستة أَشهر منذ تزوجها الثاني، أَوْ لأكثر من ذلك إِلى سنتين، أَوْ أَكثر، لأنه صاحبُ الفراشِ الصحيح، فإِنّ خبرَ موتِهِ لا يُفسدُ فِرَاشه. والزوج الثاني صاحبُ فراشٍ فاسد، ولا معارضة بين الصحيح والفاسد، بل الفاسد مدفوع بالصحيح، والمرأَة مردودة إِلى الزوج الأول، والولد ثابت النسب منه. وعن عبد الكريم الجُرْجَاني عن أَبي حنيفة: أَنْ الولد للثاني وهو قول ابن أَبي ليلى، لأن الفراش الفاسد يُثبِت النسب كالفراش الصحيح، ثم الثاني أَقرب إِليها يداً والولد مخلوق من مائه حقيقة، فيترجحُ جانبُهُ بالقرب واعتبار الحقيقة.

وفيه حديث الشَّعبي ذكره محمد في «الكتاب»: وهو أَنْ رجلاً من جُعفى زَوَّج ابنته من عبيد الله بن الُحرِّ ثم مات، ولحق عبيد الله بمعاوية، فزوج الجاريةَ أَخوتُهَا، فجاء ابن الُحرِّ فخاصم زوجها إِلى علي، فقال عليّ: أَما إِنك المحال علينا


(١) الدِّعْوَة: بالكسر في النَّسَب. مختار الصحاح ص ٨٦، مادة (دعا).

<<  <  ج: ص:  >  >>