للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كاسْتِثْنَاءِ قَدْرٍ مَعْلُومٍ.

فَصْلْ

[فِي خِيَارِ الشَّرْطِ]

صَحَّ خِيَارُ الشَّرْطِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَهُمَا

===

بطريقٍ مباحٍ، وإن لم يرض وتركها المشتري، تصدّق بما زاد من ذات الثّمرة، لحصول الزّيادة بمعنى من الشجر بلا إذن المالك، فلا يطيب له.

وتُعرف الزّيادة بالتقويم يوم البيع والتقويم يوم الإدراك، فالزيادة تفاوت بينهما. وإن تركها بعدما تناهى عظمها، لم يتصدّق بشيء، لأنها زادت جودة بتغير الطعم واللون، وذا من أثر الشمس والقمر لا ذاتاً.

(كاسْتِثْنَاءِ قَدْرٍ) كما يَفْسُدُ البيع باستثناء مقدارٍ (مَعْلُومٍ) من الثمر، مقطوعةً أو غير مقطوعةٍ، لأنه ربَّما لا يبقى شيء بعد المستثنى، فيخلو العقد عن الفائدة، بخلاف ما إذا استثنى نخلاً معيناً، لأنّ الباقي معلومٌ بالمشاهدة. وفي «المواهب»: لو باع الثمرةَ واستثنى منها أرطالاً معلومةً صحَّ البيع في ظاهر الرواية، لأن الأصل أن ما جاز إفراده بالعقد جاز استثناؤه من العقد، كما لو استثنى جزءاً مُشاعاً، وما لا يجوز إفراده بالعقد لا يصحّ استثناؤه منه، كما لو استثنى عضواً من الشّاة ونحوها. وقيل: يفسد، وهو رواية الحسن، واختارها الطّحاويّ لجهالة ما بقي من بعد الاستثناء.

فصلٌ

(في خِيَارِ الشَّرْطِ)

(صَحَّ) بالإجماع (خِيَارُ الشَّرْطِ)، والقياس أنْ لا يصحّ، لِمَا فيه من الغَرَر، ولظاهر نهيه عليه الصلاة والسَّلام عن بيعٍ وشرطٍ (١) ، إلاّ أنّ النَّص ورد به، وهو ما رواه ابن ماجه في «سننه»: أنّ حَبَّان بن مُنْقِذ بن عمرو كان رجلاً قد أصابته آمَّةٌ (٢) في رأسه فكسرت لسانه، وكان لا يدع على ذلك التِّجارة، فكان لا يزال يُغْبَنُ، فأتى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: «إذا أنت بايعت فقل: لا خِلَابة، ثم أنت في كلّ سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليالٍ، فإذا رضيت فأمسكها، وإن سخِطت فارددها على صاحبها». وحَبَّان بفتح المهملة وتشديد الموحدة، ومُنْقِذ بالمعجمة، والخِلابة بكسر المعجمة: الخداعة.

(لِكُلَ مِنْهُمَا) أي لكل من البائع والمشتري، (وَلَهُمَا) أي معاً، ولغيرهما بإذنهما.


(١) أخرجه الطبراني في الأوسط ٤/ ٥٣٠، حديث رقم (٤٣٦١)، والحاكم في "معرفة علوم الحديث"، ص ١٢٨.
(٢) الآمَّة: الشجة بلغت أم الرأس. المعجم الوسيط. ص ٢٧، مادة (أمم).

<<  <  ج: ص:  >  >>