للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

استحساناً. وهو قول مالك والشَّافعيّ وأحمد ومختار الطحاويّ لتعامل الناس به من غير نكير.

وفي «الأسرار»: الفتوى على قول محمد. وفي «التُّحْفَةِ»: الفتوى على قولهما، لأنّ التّعامل لم يكن بشرط التّرك، وإنْ كان بالإذن بالتّرك من غير شرط. انتهى. وفي «الذَّخِيَرةِ»: قال أبو الليث: المخلص في طريق الإذن (أن يأذن) (١) للمشتري في التّرك على أنه متى رجع عن الإذن كان مأذوناً له في التّرك بإذنٍ جديدٍ.

واحتجّ لنا بعض المحققين بما روينا من قوله عليه الصلاة والسلام: «من اشترى نخلاً قد أُبِّرَتْ (٢) فثمرتها للبائع، إلاّ أنْ يشترطَ المبتاع» (٣) . فجعلُه للمشتري بالشّرط يدلّ على جواز بيعه مطلقاً، لأنه لم يقيّد دخوله في البيع عند اشتراط المبتاع بكونه بدا صلاحه. واعْتُرضَ عليه بأنّ النّزاع في جواز بيعه مستقلاً لا تبعاً، لأنه لا خلاف فيه. واحتجّ أيضاً بما في «موطأ مالك» عن عَمْرَةَ بنت عبد الرحمن قالت: ابتاع رجلٌ ثمر حائطٍ (٤) في زمن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فعالجه وقام عليه حتّى تبيّن له النّقصان، فسأل ربّ الحائط أن يضع به أو يُقِيله، فحلف لا يفعل، فذهبتْ أمّ المشتري (٥) إلى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك. فقال: «تألَّى (٦) أن لا يفعل خيراً»، فسمع بذلك ربّ الحائط فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: هو له. ولولا صحة البيع لم تترتب الإقالة عليه.

وأمّا النهي المذكور فهم قد تركوا ظاهره، فإنهم جوّزوا البيع قبل أن يبدو صلاحها بشرط القطع. وهذه معارضة صريحة لمنطوقه، فقد اتَّفقنا على أنه متروك الظاهر.

هذا، وإذا رضي البائع ببقائها يطيب الفضل في الثّمرة للمشتري، لأنه حصل له


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) أَبَرَ النخل: لَقَّحَهُ. المعجم الوسيط. ص ٢، مادة (أَبَرَ).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٤/ ٤٠١، كتاب البيوع (٣٤)، باب من باع نخلًا قد أُبِّرَت (٩٠)، رقم (٢٢٠٤)، ومسلم في صحيحه ٣/ ١١٧٢، كتاب البيوع (٢١)، باب من باع نخلًا عليها ثمر (١٥)، رقم (٧٧ - ١٥٤٣)، بلفظ: "من باع نخلًا قد أُبِّرَت … " الحديث.
(٤) الحائط: البُستان. المعجم الوسيط. ص ٢٠٨، مادة (حاط).
(٥) في المخطوط: فذهب المشتري، والمثبت من المطبوع وهو الصواب، لموافقته لما في موطأ الإمام مالك ٢/ ٦٢١، كتاب البيوع (٣١)، باب الجائحة في بيع الثمار والزرع (١٠)، رقم (١٥).
(٦) في المخطوط والمطبوع: يأبى، والمثبت هو الصواب لموافقته لما في الموطأ (الموضع السابق) ومعنى تألّى: حلف. النهاية (١/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>