للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبَيْعُ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا، أوْ قَدْ بَدَا، ويَجِبُ قَطْعُهَا. وَشَرْطُ تَرْكِهَا عَلَى الشَّجَرِ يُفْسِدُ البَيْعَ

===

فَذَرُوهُ في سُنْبُلِهِ} (١) فيجوز بيعه فيه، وبيع نحو الباقلاء في القشر كالشعير في سنبله. فإن قيل: يجوز بيع النّخل قبل الزَّهو عندكم، ومقتضى ما استدللتم به من الحديث أنه لا يجوز أُجِيبَ بأنّه محمولٌ على بيع التّمر على النَّخْل بشرط التَّرك إلى أن يحمرّ أو يصفرّ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم «أرأيت لو أذهَبَ اللَّه الثمرةَ، بم يستحلّ أحدكم مال أخيه» (٢) ؟ إذ الإذهاب إنّما يُتوهَّم إذا اشتراه قبل الإدراك بشرط التّرك. أو محمولٌ على السَّلَم، يعني لا يجوز السَّلَمُ فيه حتّى يوجد بين النّاس بدليل قوله صلى الله عليه وسلم «إذا منع الله الثَّمر، فبم يستحلّ أحدكم مال أخيه» (٣) ؟ فيكون دليلاً لنا على اشتراط وجود المُسْلَمِ فيه من حين العقد إلى حين الحلول.

(و) صَحّ (بَيْعُ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا) وقال مالك، والشَّافعيّ، وأحمد، وشمس الأئمة السَّرَخْسِيّ، وخَواهِرْ زَادَه من أصحابنا: لا يجوز. والحيلة في جوازه أن يُبَاع مع الشجرة فيكون تبعاً لها، والأصحّ الجواز عندنا لأنه منتفَع به في المال، فصار كبيع الطفل والجحش. (أوْ قَدْ بَدَا) صلاحها، وهذا بلا خلافٍ بين العلماء، وإنما الخلاف في تفسير بُدُوِّ صلاحها، فعندنا على ما في «المَبْسُوطِ»: هو أنْ يُؤمَنَ العاهة والفساد، وعلى ما في «الخُلَاصَة» عن «التجريد»: أنْ يكون منتفعاً به. وعند الشَّافعيّ: هو ظهور النُّضج ومباداء الحلاوة.

(و) إذا صحّ بيع الثّمرة (يَجِبُ) على المشتري (قَطْعُهَا) في الحال ليتفرّغ ملك البائع عن ملكه، كبيع الشجرة دون الثّمر، وهذا إذا اشتراها مطلقاً، أو بشرط القطع.

(وَشَرْطُ تَرْكِهَا) أي الثَّمرة (عَلَى الشَّجَرِ) وترك الزّرع في الأرض (يُفْسِدُ البَيْعَ).

أمّا إذا لم يَبْدُ صلاحها، أو بدا ولم يَتَنَاهَ عظمها، فباتِّفاق. وأمّا إذا تناهى عظمها فعند أبي حنيفة وأبي يوسف يفسد، لأنه شرطٌ لا يقتضيه العقد، وهو شَغْل ملك الغير، أو لأنّه مشتملٌ على منهيٍ عنه، وهو صفقةٌ في صفقةٍ، لأنه إجارةٌ في بيع إن كان للمنفعة حصّةٌ من الثَّمن، وإعارةٌ في بيعٍ إن لم تكن لها. وقال محمد: لا يفسد


(١) سورة يوسف، الآية: (٤٧).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٤/ ٣٩٨، كتاب البيوع (٣٤)، باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها … (٨٧)، رقم (١٢٩٨)، ومسلم ٣/ ١١٩٠، كتاب المساقاة (٢٢)، باب وضع الحوائج (٣)، رقم (١٥ - ١٥٥٥).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٤/ ٣٩٨، كتاب البيوع (٣٤)، باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها … (٨٧)، رقم (٢١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>