الحبّ. وأُجِيبَ بأنّ ذلك محمولٌ على نحو بيع الطير في الهواء، والسمك في الماء. وفي «المبسوط»: أو على بيعه في السُنْبُلِ قبل أنْ يشتدّ.
(و) صحّ بيع (البَاقِلاءِ) بكسر القاف وتشديد اللاّم مقصوراً، وبتخفيفها ممدوداً (وَنَحْوِهِ) ممّا له قشران كالسِّمْسِم، والأرز، والحِمِّص الأخضر وسائر الحبوب المغلَّفة، والجوز واللّوز والفَسْتُق والبندق (في قِشْرِهِ الأوَّلِ)، وفي نُسخة: في قشره الخارج، وإنّما قال: الأوّل، لأنّ فيه خلافاً للشَّافِعيّ، أمّا في قِشره الثَّاني فيجوز إجماعاً.
والمنصوص عن الشّافعيّ في بيع البَاقِلاء الأخضر أنّه لا يجوز. وقال مالك وأحمد وكثير من أصحاب الشَّافِعيّ: يجوز، وكذا الجوز واللّوز الرَّطِبَان، وأمّا اليابس منهما فيجوز بلا خلاف.
لنا ما روى الجماعة إلاّ البخاريّ عن نافع عن ابن عمر «أنّ النبِيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن بيع السُّنْبُلِ حتى يبيضّ ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري». يقال: زهى النّخلُ يزهو إذا بدت فيه الحمرة أو الصُّفرة. وما في «الصحيحين» عن أنس أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثِّمار حتّى يبدوَ صلاحُها، وعن بيع النَّخل حتّى يزهو، قيل: ما يزهو؟ قال:«يَحْمَارُّ أو يَصْفَارّ».
وفي زكاة البُخَاريّ، عن ابن عمر أنّه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثَّمر حتى يبدوَ صلاحُها، وكان إذا سُئِلَ عن صلاحها قال:«حتى تذهب عاهتها». وما روى أبو داود والترمذيّ وابن ماجه من حديث حَمَّاد بن سَلَمَة، عن حُمَيْد، عن أنس أنّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العنب حتى يسودّ، وعن بيع الحبّ حتى يشتدّ. قال الترمذيّ: حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه مرفوعاً إلاّ من حديث حمّاد بن سَلَمة. ورواه ابن حِبّانِ، في «صحيحه»، والحاكم في «مستدركه»، وقال: صحيح على شرط مسلم. وفي رواية: عن بيع الحبِّ حتّى يفرك. وقال البيهقي: إنْ كان بكسر الرّاء بإسناد الإفراك إلى الحبّ، وهو الأشبه، وافق قوله: حتى يشتدّ، وإن كان بفتح الرّاء على ما لم يُسَمَ فاعله، خالفه واقتضى تنقيته عن السُّنْبُلِ حتّى يجوز بيعه.
ووجه الدّلالة أنّ حكم ما بعد الغاية يخالف حكم ما قبلها، فظاهر الحديث يقتضي الجواز عند وجود الغاية. وعند الشّافعي لا يجوز حتى يخرج البُّرُ من سُنْبُلِه والباقلاء من قِشره الأوّل.
قلنا: إنّه مالٌ مُنْتَفَعٌ به، لأنْه يُدَّخر في سنبله قال الله تعالى: {فَمَا حَصَدْتُمْ