للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإنْ بَاعَ صُبْرَةً عَلى أنَّهَا مِئَةُ صاعٍ بِمِئَةٍ، فإنْ نَقَصَ أَخَذَ المُشْتَرِي بالحِصَّةِ أوْ فَسَخَ، وَإنْ زَادَ فَللبَائِعِ. وَفِي المَذْرُوع أخَذَ الأَقَلَّ بِكُلِّ الثّمَنِ أوْ تَرَكَ، والأكْثَرُ لَهُ. وَإنْ قَالَ: كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ، فَبِالْحِصَّةِ فِيهمَا.

وَصَحَّ بَيْعُ البُّرِ فِي سُنْبُلِهِ،

===

مرّ إلاّ أنّ الأفراد هنا متفاوتة، فلا يجوز البيع في واحدٍ منها عند أبي حنيفة بخلاف الصُّبْرَة.

(وَإنْ بَاعَ صُبْرَةً) أي كُوْمة طعامٍ بلا كيلٍ ولا وزنٍ (عَلىَ أنَّهَا مِئَةُ صاعٍ (١) بِمِئَةٍ) درهم، (فإنْ نَقَصَ) المبيع عن المئة (أَخَذَ المُشْتَرِيِ) الموجود (بالحِصَّةِ) لأنّ الكيل ذو جزءٍ، والثمن ينقسم على أجزاء المبيع، (أوْ فَسَخَ) البيع لأنّ الصَّفقة لَمَّا تفرّقت عليه لم يتمّ رضاؤه بالموجود، وبه قال مالك والشّافعي وأحمد. (وَإنْ زَادَ) على المئة (فَللبَائِعِ) ما زاد، لأنّه باقٍ على ملكه، فإنّ البيع وقع على قدرٍ معينٍ، وما يكون كذلك لا يتناول غيره.

(وَفِي المَذْرُوع) بأنْ باع ثوباً على أنّه عشرة أذرعٍ بعشرةٍ، فوجد المشتري الثوب أقل من ذلك، (أَخَذَ) المشتري (الأقَّلَ بِكُلِّ الثّمَنِ أوْ تَرَكَ) لأنّ الذّراع وصفٌ للمذروع، والثمن لا ينقسم على الأوصاف، فكان كلُّ الثمن مقابَلاً بكل العين، غير أنّه ثبت الخيار للمشتري، لأنّه فاته وصفٌ مرغوبٌ فيه، وقع عليه العقد. (والأكْثَرُ لَهُ) أي للمشتري، ولا خيار للبائع، لأن الزّائد هنا صفة، فكان هذا بمنزلة ما إذا باع بشرط أنّه معيب، فإذا هو سليمٌ.

(وَإنْ قَالَ):

بعتك هذا الثوب على أنّه عشرة أذرعٍ (كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ) فوجده المشتري أقلّ أو أكثر (فَبِالْحِصَّةِ)،

أي فيأخذ الكلّ بالحصّة (فِيهمَا) أي في الزّيادة والنقصان، وله الترك، لأنَّ الذِّراع وإنْ كان وصفاً، إلاّ أنه يصلح أن يكون أصلاً لأنه يُنتفع به بانفراده، فإذا سُمِّي له ثمنٌ صار أصلاً، وإنما كان الخيار للمشتري لتفرّق الصّفْقة عليه في النقصان، ولزيادة الثمن في الزِّيادة. وعن الشافعي في القديم قولان: أحدهما: يصحّ العقد وله الخيار كمذهبنا، والآخر: لا يصحّ.

(وَصَحَّ بَيْعُ البُّرِ فِي سُنْبُلِهِ) وهو قول مالك وأحمد والشافعيّ في القديم، وقال في الجديد: لا يصحّ، لأنّه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر (٢) ، وهذا منه، لأنه لا يدري قدر


(١) الصَّاعُ: مقداره عند الحنفية: ٣٢٦١.٥ غرامًا، وعند غير الحنفية: ٢١٧٢ غرامًا. معجم لغة الفقهاء ص ٢٧٠.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه ٣، ١١٥٣، كتاب البيوع (٢١)، باب بطلان بيع الحصاة، والبيع الذي فيه غرر، رقم (٤ - ١٥١٣). وبيع الغرر: بيع ما يجهله المتبايعان، أو ما لا يُوثق بتسلّمه، كبيع السمك في الماء، أو الطير في الهواء. المعجم الوسيط ص ٦٤٨، مادة (غر).

<<  <  ج: ص:  >  >>