للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمُطْلَقُ الثَّمَنِ يُحْمَلُ عَلَى الأرْوَجِ، فَإنْ اسْتَوَى رَوَاجُ النُّقُودِ فَسَدَ إنْ اخْتَلَفَتْ مَالِيَّتُهَا.

وَإنْ بيعَ ذُو أفْرَادٍ كُلَّ وَاحِدٍ بِكَذَا، فَإِنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ صَحَّ في وَاحِدٍ، وإلّا فَلَا أصْلًا.

===

الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ». ولأنّ الجهالة في الجُزَافِ غير مانعةٍ من التَّسليم، فلا يضرّ كجهالة القيمة، بأنْ اشترى شيئاً بدرهمٍ ولم يدر قيمته. وإنّما امتنع الجُزَاف في الجنسِ بالجنس لِمَا فيه من احتمال الرِّبا، واحتماله ملحقٌ بحقيقته احتياطاً. وفي «الذَّخيرة»: أنّ هذا الاستثناء إذا كان شيئاً يدخل تحت الكيل ـ وأدناه نصف صاع ـ، وأمَّا إذا كان قليلاً لا يدخل تحته، فيجوز بيعه بجنسه جُزَافاً.

(وَمُطْلَقُ الثَّمَنِ) وهو الذي لم يُقَيَّد في صلب العقد، أو في المجلس بوصفٍ، ولا بنقدِ بلدٍ نحو عشرة دراهم (يُحْمَلُ عَلَى الأرْوَجِ) أي أغلب ما يُتَعَامل به في كلِّ البلد سواء استوت ماليّة النقود، أو اختلفت، لأنّ ما غلب التعامل به معلومٌ بالعرف، والمعلوم بالعرف كالمعلوم بالنَّص. (فَإنْ اسْتَوَى رَوَاجُ النُّقُودِ فَسَدَ) البيع (إنْ اخْتَلَفَتْ مَالِيَّتُهَا) لأنّ مثل هذه الجهالة يفضي إلى المنازعة. وأمّا لو استوت الماليّة والرَّواج جاز البيع.

(وَإنْ بيعَ ذو أفْرَادٍ كُلَّ وَاحِدٍ) منها (بِكَذَا) درهماً، (فَإِنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ) تلك الأفراد بأنْ بيعت صُبْرةٌ (١) : كل قفيزٍ (٢) بدرهمٍ، أو بيع ثوبٌ: كل ذراعٍ بدرهمٍ (صَحَّ) البيع (في وَاحِدٍ) عند أبي حنيفة، وفي الكلّ عند أبي يوسف ومحمد، وبه يُفْتَى. وهو قول مالك والشَّافعيّ وأحمد، لأنّ المبيع معلومٌ بالإشارة فلا يحتاج إلى معرفة قدره، وما فيه من الجهالة لا يضرُّ لأن رفعها بيدهما بأنْ يكيلا الصُّبْرَة في المجلس.

ولأبي حنيفة أنّ الثمن مجهولٌ لأن جملة الأفراد غير معلومةٍ، فيكون ما بإزائها من الثمن مجهولاً إلاّ أنّ الأقلّ ـ وهو الواحد ـ معلومٌ، فيصحّ البيع فيه ويفسد فيما عداه، إلاّ أن ترتفع الجهالة بتسمية جميع الأفراد، أو بالكيل في المجلس.

(وإلاّ) أي وإنْ تفاوتت الأفراد في القيمة كما لو باع غنماً كلّ شاةٍ بدرهمٍ (فَلَا) يصحّ البيع (أصْلاً)،

أي لا في جملة الأفراد، ولا في واحدٍ منها، وهذا عند أبي حنيفة. وأمّا عندهما فيصحّ في الكلّ، وهو قول مالك والشَّافعيّ وأحمد، والوجه ما


(١) سبق شرحها ص (٣٠١) التعليقة رقم (٥).
(٢) القفيز: مكيال كان يُكَال به قديمًا، ويختلف مقداره في البلاد، ويعادل بالتقدير المصري الحديث نحو ستة عشر كيلو جرامًا. المعجم الوسيط. ص ٧٥١ مادة (قفز).

<<  <  ج: ص:  >  >>