سَوَاءٌ، فأبى، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمها بينهم ميراثاً. وأمّا قول ابن الأعرابيّ: إنها عند العرب تمليك المنافع، فلا يضرّ لأنّ الشارع نقلها إلى تمليك الرَّقبة.
(أَحكام الرُّقبى)
(وَلَا تَصِحُّ الرُّقْبَى) عند أبي حنيفة ومحمد، وهو قول مالك (وَهِيَ) أن يقول شخصٌ لآخر: أرقبتك هذه الدَّار، أو هي لك رُقْبَى، أو هي لك حياتَك على أني (إنْ مِتُّ قَبْلَكَ فَهِيَ لَكَ) وإنْ مِتَّ قبلي فهي لي. وسُمِّيت بذلك لأنّ كلّ واحدٍ يَرْقُب موت صاحبه. وقال أبو يوسف: يصحّ، وهو قول الشّافعي وأحمد، لأنّها تشتمل على شرط ردّ الدّار بعد الموت، فيكون بمنزلة العُمْرَى. ولما في «سنن أبي داود» عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العُمْرَى جائزةٌ لأهلها، والرُّقبْى جائزةٌ لأهلها». وفيها عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أعمر شيئاً فهو لمُعْمِره حياتَه ومماتَه، ولا ترقبوا. فمن أرقب شيئاً، فهو سبيلُه». وفي «سنن النَّسائي» عن ابن عبّاس مرفوعاً: «مَنْ أعمر عُمْرَى فهي لِمَنْ أعمرها جائزةٌ، ومَنْ أرقب رُقْبَى فهو لِمَنْ أرقبها جائزةٌ». وفيها، وفي ابن ماجه عن ابن عمر مرفوعاً:«لا عُمْرَى ولا رُقْبَى، فَمَنْ أعمر شيئاً أو أرقبه، فهو له حياتَه ومماتَه».
ولنا: أنّه تعليق التمليك بالخطر وهي موت المُمَلِّك، وذلك باطلٌ. وإذا لم يصحّ عند أبي حنيفة ومحمد يكون عَارِيَّةً، لأنّ هذا العقد يتضمن إطلاق الانتفاع. وقد حكم الإتْقَانِيّ شارح «الهِدَاية» بصحة قول أبي يوسف لِمَا روينا من الأخبار.
(وَالصَّدَقَةُ لَا تَصِحُّ إلاّ بالْقَبْضِ) لأنّها تبرُّع كالهِبة، (وَلَا) تصحّ (في شَائِعٍ يُقْسَمُ) لِمَا مرّ في الهبة (وَلَا عَوْدَ فِيهَا) لأنّ المقصود بها الثَّواب، وقد حصل، بخلاف الهبة، فلا رجوع في الهبة لفقير استحساناً. (وفي القياس يرجع لأنه ملكه بطريق الهبة، وفي أسباب الملك الغنيّ والفقير سواء، كالبيع وغيره. ووجه الاستحسان: أَنّ)(١) المقصود بها الثَّواب دون العوض، إذ لو كان قصده العوض لاختار للهبة من يكون أقدر على آدائه. ولَمَا اختار الفقير مع عجزه عن آدائه، فعرفنا أنّ