للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

مقصوده الثّواب وقد ناله. ولو تصدّق على غنيّ لا يعود استحساناً. والقياس أن يعود، وبه قال بعض أصحابنا، لأنّ الصّدقة في حقّ الغنيّ هبةٌ، لأنّها إنّما يقصد منها العوض دون الثّواب، كما أَنَّ الهبة في حقّ الفقير صدقةٌ، لأنّها إنّما يقصد منها الثواب دون العوض. ووجه الاستحسان: أَنْ لفظ الصّدقة ممّا يدلّ على أنّه لم يَقْصِد العوض، ومراعاة لفظه أولى من مراعاة حال التملك.

ثُمَّ التصدّق على الغنيّ قد يكون قربةً استُحِقّ بها الثواب، لكونه غنياً يملك نصاباً وله عيالٌ كثيرةٌ، والنّاس يتصدّقون على مثل هذا لِنَيْل الثواب. ألا ترى أنّ عند اشتباه الحال يتأدّى الواجب من الزكاة بالتصدّق عليه، ولا رجوع فيه بالاتفاق، فكذلك عند العلم بحاله لا يثبت له حقّ الرّجوع عليه. ثم الصّدقة فيما يُقْسَمُ، وكذا الهبة على غنيين باطلةٌ عند أبي حنيفة. وقالا: جائزةٌ. وكذا الصّدقة على فقيرين باطلةٌ في رواية «الأصل» عن أبي حنيفة. وفي رواية «الجامع الصغير»: إذا تصدّق على محتاجيْن بعشرة دراهمٍ، أو وهبها لهم جاز. قيل: وهو الصحيح. ولو تصدّق بها على غنيَّيْن أو وهبها، لم يجز. وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز كله، والله أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>