للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

كِتَابُ البَيْعِ

هُوَ

===

كتاب البَيْعِ

اعلم أنّ المقصود من بيان كتاب البيع بيانُ الحلالِ الذي هو بيعٌ (١) شرعاً، والحرام الذي هو الرِّبا، ونحوه من العقود الفاسدة. ولهذا قيل لمحمد رحمه الله تعالى: ألا تصنِّف شيئاً في الزُّهد؟ فقال: قد صنّفت كتاب البيع.

ومراده: بَيَّنْتُ فيه ما يَحِلُّ وما يَحْرُم. وليس الزُّهد إلاّ اجتناب الحرام، والرغبة في الحلال، كما يشير إليه قوله صلى الله عليه وسلم حيث ذكر الرّجل يُطيل السّفر، أشعثَ أغبرَ يقول: يا ربُّ، يا ربُّ، ومَطْعَمُهُ حرامٌ، ومَشْرَبُه حرامٌ، وملبسُه حرامٌ، وغُذِّي بالحرام، فأنّى يُسْتَجَابُ لذلك؟ (٢)

ثمَّ (هُوَ) في اللّغة مشتركٌ بين إخراج الشيء عن المِلْكِ بمالٍ، وبين ضِدّه، وهو إدخال الشيء في الملك بمالٍ. ومن هذا القبيل حديث: «لا يَبِعْ أحدُكم على بيع أخيه» (٣) ، أي: لا يشتري على شرائه. كذا في «الصّحاح». ولا يَبْعُد أن يكون البيع في الحديث على بابه. وهو يتعدّى إلى المفعول الثّاني بنفسه، وبحرف الجر نحو: بعتُ هذا فلاناً، وبعته منه.

وكذا لفظ الشِّراء مشتركٌ بين فعل المشتري وفعل البائع، ومنه قوله تعالى: {وَشَرَوهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} (٤) ، أي: باعوه. وهذا إذا كان الضمير للإخوة، وأمّا إذا كان للسَّيَّارة (٥) ، فالشراء على بابه. وكذا قوله تعالى: {ولَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} (٦) ، أي: باعوا حظّها أو اشتَرَوه.


(١) في المخطوط: يقع، والمثبت من المطبوع.
(٢) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ٢/ ٧٠٣، كتاب الزكاة (١٢)، باب الترغيب في الصدقة … (١٨)، رقم (٦٥ - ١٠١٥).
(٣) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٤/ ٣٥٣، كتاب البيوع (٣٤)، باب لا يبيع على بيع أخيه … (٥٨)، رقم (٢١٣٩).
(٤) سورة يوسف، الآية: (٢٠).
(٥) السَّيَّارة: القافلة. المعجم الوسط ص (٤٦٧)، مادة (سار).
(٦) سورة البقرة، الآية: (١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>