اقتضى أمْرَهَ لِيَخُصَّه به، فلم يحنَث في: إن بعتُ لك ثوبًا، إنْ باعَه بلا أمرِهِ، مَلَكَه أو لا. وإن دخل على عينٍ أو فعلٍ لا يقعُ عن غيره كأكل، وشُرب، ودخول وضرب الولد اقتضى ملكه، فحنِثَ في: إن بِعتُ ثوبًا لك، إن باعَ ثوبَه بلا أمره. وفي كل عِرْس لى فكذا، بعد قول عِرْسِه: نَكَحْتَ عليَّ، طلُقت هي، وصح نِيَّةُ غيرها دِيَانةً.
===
اقتضى) ذلك اللام (أمره) أي توكيله بالفعل (ليخُصَّه به) لأن اللام للاختصاص، وأقوى وجوهه المِلك، فإذا دخلت على الفعل أوجبت ملكَه، وذا بأن يفعله بأمره ليقع ذلك الفعل له (فلم يحنث في: إن بعتُ لك ثوباً، إنْ باعَه بلا أمرِهِ) من المخاطب سواء (مَلَكَه) المخاطب (أو لا) لأن تقدير الكلام: إن بعتُ ثوباً بأمرك، ولم يوجد الأمر.
(وإن دخل على عينٍ أو) على (فعل لا يقعُ عن غيره) وهو كل فعل لا يُملك بالعقد (كأكل، وشُرب، ودخول وضَرْبِ الولدِ، اقتضى) دخول اللام (ملكه) ذلك العين لا أمره بالفعل (فحنث في: إن بِعتُ ثوباً لك، إن باعَ ثوبَه بلا أمره) من المخاطب وكذا حَنِثَ في: إن أكلت لك طعاماً وأكل طعامه بلا أمره، سواء علم به أو لا، لأن اللام لما دخلت على العين أوجبت ملكه، ولما دخلت على الفعل الذي لا يقع عن غيره أوجبت أيضاً مِلك العين، لأن هذا الفعل لمّا كان مما لا يُملك بالعقد، وجب صَرْف اللام فيه إلى ما يُملك بالعقد، وهو العين، وقيّد الضرب بالولد لأن ضرب العبد يحتمل النيابة والوكالة، فصار نظير الإجارة دون الأكل والشرب.
(وفي كل عِرْس لي فكذا، بعد قول عِرْسِه: نَكَحْتَ عليَّ، طلُقت هي) أي عِرْسُه، يعني أن مَنْ قالت امرأتُه: تزوجت عليّ، فقال: كل امرأة لي طالق تطلق امرأته. وعن أبي يوسف أنها لا تطلق، لأن كلامه خرج جواباً لكلامها، فيتقيد به، وكلامها كان في تزويج غيرها، ولأنه قَصَدَ إِرضاءها وذلك بطلاق غيرها، فيتقيد به. وفي «جامع السَّرَخْسِي»: قول أبي يوسف أصح عندي.
ووجه الظاهر، وهو قول مالك والشافعي وأحمد أن العمل بالعموم واجبٌ ما أمكن، وقد أمكن ههنا فيعمل به، وذلك أنه زاد على الجواب، إذ جوابه أن يقول: إن فعلتُ فهي طالق، فكان ذلك مبتدئاً. وجاز أن يكون فائدتها إيحاش المرأة وإغضابها وإلحاق الغيظ بها، حين اعترضت عليه فيما أحله الشرع له. (وصح نيةُ غيرها دِيَانة) لأنه نوى محتمَل كلامِهِ، لا قضاءً لأنه نوى تخصيصَ العامّ وهو خلاف الظاهر. والله تعالى أعلم بحقائق الظواهر والضمائر.