وبقي الأمر هكذا لم يُحسم حتى كنا مرة في زيارة لأزهر بيروت عند شيخنا الفاضل سماحة مفتي البقاع الشيخ خليل المَيْس، فسَأَلَنا عن آخر ما أصدرناه من أعمال علمية، فذكرنا له أنه "شرح شرح نُخْبَة الفكر" لمُلَّا علي القاري، وما كدنا أن ننتهي من عرض الاسم عليه حتى قال الشيخ لنا: لمُلا علي كتاب في الفقه ماتع ومفيد، لِمَ لا تعملون على إخراجه؟! فأخبرناه ما نحن به من حيرة، فشجعنا على ما كنا بصدده من إخراج الكتاب بخطة صغيرة وتحقيق موجز، وقال: فليكن مقسمًا أربعة أجزاء نقرره لطلاب "الأزهر" في كل سنة جزء. فكأنها كانت الإشارة.
فأبرقنا لشيخنا الفاضل عبد الفتاح أبو غُدَّة رسالتين نستشيره بما نحن بصدده، ونستأذنه فيما نحن عازمون عليه، إلا أن الشيخ رحمه الله كان مشغولًا جدًّا، بين سفر ومرض، فلم يتسنَّ له أن يردَّ علينا. فاستخرنا الله تعالى، وشرعنا فيما يَسَّرَ لنا أسبابَه، ولم نزل حريصين على معرفة رأي شيخنا رحمه الله تعالى، فأرسلنا إليه مرة ثالثة برسالة شفهية مع بعض الإخوة الذين زاروه، فكان جوابه أن بارك العمل ودعي لنا بخير، فجزاه الله عنا كل خير.
[عملنا في الكتاب]
١) مقابلة مطبوعة باكستان على المخطوط، وإثبات الفوارق المُغَيِّرة للمعنى، وإسقاط الكثير مما ليس مهمًا، ويثقل الحواشي بما لا طائل تحته.
وقد عانينا في ضبط النص وترجيح الصواب عند الاختلاف كثيرًا، وكان من المرجِّحات عندنا التي تَحْسِم الخلاف بين المطبوع والمخطوط أو تصحح الخطأ في كليهما:"نصب الراية"، و "فتح القدير" - لأنه ينقل عنهما كثيرًا دون الإشارة إليهما غالبًا - وغيرهما من كتب السُّنَّة واللغة …
٢) إضافة متن "النُّقاية" في أعلى الصفحة كما مشى عليه شيخنا الفاضل عبد الفتاح رحمه الله.
٣) تخريج الآيات القرآنية، والقراءات أحيانًا.
٤) تخريج الأحاديث النبوية: تعهدنا ضمن خطتنا الصغيرة، أن نُخَرِّج. فقط الأحاديث التي لم يعزها مُلَّا علي لمُخَرِّج، فإذا قال مثلًا: أخرجه البخاري، لا نَرُدُّه إلى مصدره بالجزء والصفحة، أما إذا أهمله فإننا نبحث عنه ونُخَرِّجه. وقد خرَّجنا معظم الأحاديث إلا أننا لم نجد بعضها مع كثرة التفتيش وضيق الوقت (وستأتي أمثلة ذلك في: مؤاخذات على الكتاب - ص ١٣).