لأنّ في ضمانه تقريراً للبيع فكان كالبائع. (بَلْ) الشّفعة (لِمَنْ) أي الشفيع (شَرَى أو اشْتُرِيَ لَهُ) وأجاز، لأنّ الشّفعة تبطل بإظهار الشّفيع الرّغبة عن المشفوع، ولا تبطل بإظهار الرّغبة فيه. وفي الشراء إظهار الرّغبة فيه، فلا يكون إبطالاً للشّفعة. وفي البيع إظهار الرغبة عنه، فيكون إبطالاً لها. وفائدة ذلك أنه لو كان المشتري أو الموكَّل بالشِّراء شريكاً في الدَّار ولها شريك آخر، فلكل منهما الشفعة. ولو كان هو شريكاً وللدار جارٌ، فلا شفعة للجار.
(مُبْطِلاتُ الشُّفْعةِ)
(وَيُبْطِلُهَا) أي الشفعة (تَسْلِيمُهَا بَعْدَ البَيْعِ) لأنّ الشفيع أسقط حقّه بعد تقرر سببه (لَا قَبْلَهُ) أي لا يُبطِل الشفعة تسليمُها قبل البيع، لأنّه أسقطها قبل وجود سببها إن كان سببها البيع، وقبل وجود شرطه إن كان سببها اتصال الأَملاك، والبيع شرطه، وهو الصحيح. (وَ) يبطلها (الصُلْحُ) أي صلح الشفيع عن شفعة على عَوِضٍ (مَعَ بُطْلَانِهِ) أي بطلان الصلح، لأنّه أسقطها باختياره فيردّ العوض لأنّه أخذه بغير استحقاقٍ، لأنّ المال لا يستحقّ إلا بمقابلة ملك، وحقّ الشفعة ليس بملك بل حقّ تملُّكٍ، فلا يصحّ الاعتياض عنه.
(وَ) يُبْطِلُها (مَوْتُ الشَّفِيعِ) بعد البيع قبل القضاء بالشفعة، ولا ينتقل حقّ الأخذ بالشفعة إلى وارثه. وقال مالك والشّافعيّ: ينتقل لأنّه حقّ ثبت لإزالة الضَّرر عن المال فكان موروثاً. ولنا: أَنّ حقّ الشفعة حقُ تملكٍ وهو وصفٌ قائمٌ بالشفيع، فلا ينتقل إلى وارثه بعد موته.
قيّدنا بـ: قَبْل القضاء بالشفعة، لأنّ موت الشفيع لو كان بعد القضاء قبل نَقْد الثّمن وقبض المبيع لا يُبْطِلُ شفعته والبيع لازمٌ لوارثه (لَا المُشْتَرِي) أي لا يُبْطِل الشّفعةَ موتُ المشتري، لأنّ المُسْتَحَقَّ باقٍ، وبموت المُسْتَحَقّ عليه لم يتغير الاستحقاق، بخلاف موت المُسْتَحِقّ وهو الشفيع، لأنّ السبب الذي يأخذ به وهو ملكه زال بموته، والثابت للوارث جُوَارٌ أو شركةٌ حادثة بعد البيع فلا تستحقّ به الشفعة.
(وَ) يُبطلها (بَيْعُ) الشّفيع (مَا يَشْفَعُ بِهِ) بلا خِيار للبائع (قَبْل القَضَاءِ) له