للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا في البَيْعِ بِخِيَارٍ إلّا بَعْدَ سُقُوطِهِ، وَلَا في البَيْعِ الفَاسِدِ إلّا بَعْدَ سُقُوطِ فَسْخِهِ، وَلَا في رَدٍّ بِخِيارٍ إلّا خِيَارِ عَيْبٍ بِلَا قَضَاءٍ، وَلَا لِمَنْ بَاعَ أوْ بِيعَ لَهُ، أو ضَمِنَ الدَّرَكَ،

===

شفعة في بناءٍ بِيع قصداً، وفيه الشفعة لو بيع مع الأرض، لأنّ هذه الأشياء نقلية، ولا شفعة في نقليّ لأن الشفعة إنّما وجبت في العَقَار، لدفع ضرر سوء الجوار على الدّوام. والملك في النقليّ لا يدوم مثل دوامه في العقار كما أشار إليه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة». فإنّ جار البادية يتحوّل (١) .

(وَلَا) شفعة (في البَيْعِ) بسبب البيع (بِخِيَارٍ) للبائع، لأنّ خِياره يمنع خروج المبيع عن ملكه (إلاّ بَعْدَ سُقُوطِهِ) أي سقوط الخيار بأن أسقط البائع، لأنّ المانع من خروج المبيع عن ملكه قد زال، فصار البيع كأنّه وقع لازماً من الأصل. قيدّنا الخيار بكونه للبائع كما هو الظاهر من البيع بخيار، لأنّ خيار المشتري يوجب الشّفعة. أمّا عند أبي يوسف ومحمد فلأنّ المشتري صار مالكاً. أمّا عند أبي حنيفة رحمه الله فيخرج المبيع عن ملك البائع، وحقّ الشفعة. يعتمد انقطاع حقّ البائع لا ثبوت الملك للمشتري، حتّى لو أقرّ البائع بالبيع وأنكر المشتري تجب الشفعة.

(وَلَا) شفعة (في البَيْعِ) أي في عَقار البيع (الفَاسِدِ) أمّا قبل قبض المبيع، فلعدم زوال الملك عنه. وأمّا بعد قبضه، فلاحتماله للفسخ، لأن كلّ واحدٍ من المتعاقدين بسبيلٍ من فسخه، إذ فسخه حقّ الشّرع، وفي إثبات الشّفعة إسقاط حقّ فسخه، وفي إسقاط حقّ فسخه تقرير فساده (إلاّ بَعْدَ سُقُوطِ فَسْخِهِ) فإن باعه المشتري من آخَر فإنّ فيه الشفعة، لأنّ امتناع حقّ الشفعة إنّما كان لثبوت حقّ الفسخ وقد سقط، فصار كما لو كان في البيع خِيار البائع فأسقطه.

(وَلَا) شفعة (في رَد) أي بسبب ردّ عقار (بِخِيارٍ) سواء كان خيار رؤية أو شرط أو عيب (إلاّ) في ردَ بسببِ (خِيَارِ عَيْبٍ بِلَا قَضَاءٍ) لأنّ الشّفعة ثبتت فيه خلافاً لزُفَر (وَلَا) شفعة (لِمَنْ بَاعَ) سواء كان وكيلاً أو أصيلاً، لأنّ أخذه بالشفعة سعيٌّ في نقض ما تمّ به، وهو الملك للمشتري، وسعيُ الإنسان في نقض ما تمّ به مردودٌ.

(أوْ بِيعَ لَهُ) أي ولا شفعة لمن بيع لأجله وهو المُوَكِّلُ بالبيع، لأنّ تمام البيع له، إذ لولا توكيله لَمَا جاز ذلك البيع.

(أو ضَمِنَ الدَّرَكَ) أي ولا شفعة لمن ضمن عن البائع ما يلحقه في ذلك البيع،


(١) أخرجه النسائي في سننه ٨/ ٢٧٥، كتاب الاستعاذة (٥٠)، باب الاستعاذة من جار السوء (٤٤)، رقم (٥٥١٧)، بلفظ: "تَعَوَّذوا بالله من جار السوء في دار المقام، فإن جار البادية يتحوَّل عنك".

<<  <  ج: ص:  >  >>