للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الغَصْبِ

هُوَ أَخْذُ مَالٍ مُتَقَوِّمٍ مُحْتَرَمٍ عَلَنًا، بِلَا إِذْنِ مَالِكِهِ، يُزِيْلُ يَدَهُ.

فلا غَصْبَ في العَقَار، حَتَّى لَوْ هَلَكَ في يَدِهِ لا يَضْمَنُ،

===

كتاب الغَصْب

(هُوَ) لغةً: أَخْذ الشيء ظُلْمَاً، أَوْ قَهْرَاً، مالاً كان أَوْ غيره. وقد سُمِّي المغصوبُ غَصْبَاً تسميةً للمَفْعُوْلِ بالمَصْدر.

وشَرْعاً: (أَخْذُ مَالٍ مُتَقَوَّمٍ مُحْتَرَمٍ عَلَنَاً بِلَا إِذْنِ مَالِكِهِ، يُزِيلُ يَدَهُ) أَي على وَجْهٍ يزيل ذلك الأَخْذُ يدَ مالك المال عن المال، حتى كان استخدام العبد بغير إِذن مالكه، ولُبْس الثوب، والحمل على الدابة، غصباً بالاتفاق، لقصر يد المالك عنها وإِثْبات يده عليها، دون الجلوس على بساط غيره وفراشه بلا نقل عن محله.

فخرج بالأَخْذِ ما صار مع المغصوب بغير صنع الغاصب، كما لو غَصَب دابةً فتبعتها أُخْرى، فإِنه لا يضمنها. وبالمال نحو الميتة والحر، وبالمتقوَّم الخمر. وبالاحترام مال الحربي، وبالعلن السرقة، وبعدم إِذْن المالِك الوديعةُ، والعارية، والمستأجَر، والموهوب ونحوها. وقوله: «يزيل يده» للاحتراز عن أَخْذِ العَقار لعدم تحقق إِزالة اليد فيه، لأَنها إِنما تكون بالنقل والتحويل. ولأَن الغَصْب عندنا إِزالة اليدِ المُحِقَّة عن العين بإِثبات اليد المبطلة، أَوْ قصرها ومنعها عنه. وعند مالك والشافعي: إِثْبات اليد المبطَلة من غير شرط إِزالة المُحِقَّة.

وفائدة الخلاف تظهر في زوائد المغصوب، كالولد، وثمرة البستان، والسِّمَن، والجمال، فإِنها غير مغصوبة عندنا فلا تكون مضمونةً، سواء كانت متصلةً أَوْ منفصلة إِلاَّ بالتعدي عليها بالإتلاف، أَوْ المنع بعد طلب المالك. وأَما بدونهما فلا تكون مضمونةً لعدم إِزالتها وقصر يده عنها، لانعدام ثبوتها عليها، ومغصوبة عنده (١) فتكون مضمونة لإثبات اليد المُبْطِلة.

(فلا غَصْبَ في العَقَار) لما تقدم مِنْ أَنَّ الغَصْبَ فيما يُنْقل (حَتَّى لَوْ هَلَكَ) العَقار بآفةٍ سماويةٍ، أَوْ انهدم بناء الدار بسيل (في يَدِهِ) أَي يد آخِذِه قَهْرَاً من مالكه (لا يَضْمَنُ) وهذا عند أَبي حنيفة، وأَبي يوسف رحمهما الله تعالى. وقال محمد: في


(١) أَي عند الإمام مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>