إِذا نهاه عن الحِفْظ في دار أُخْرى اعتبر النَّهْيّ، حتى لو خالف ضَمِن.
(ولَوْ أَوْدَعَ المُوْدَعُ) الوديعة عند مَنْ ليس في عياله (فَهَلَكَتْ ضَمِن) المالك (الأَوَّل) عند أَبي حنيفة رحمه الله تعالى، وعندهما ضَمَّن أَيّهما شاء، كما قال مالك والشافعيّ. (ولَوْ أَوْدَعَ الغَاصِبُ) المَغْصُوبَ فَهَلَكَ (ضَمَّنَ) المالك (أَيَّهُمَا شَاءَ) باتفاقهم. ثُم مودَع الغَاصِب إِنْ لم يعلم أَنه غَاصِبٌ يَرْجِع إِلى الغَاصِب قولاً واحِداً، وإِن علم فكذا في الظاهر. وحكى أَبو اليُسْر أَنه لا يرجع، وإِليه أَشار شمس الأَئمة.
ثُم اعلم أَنَّ الإِيداع يكون بالإِيجاب والقبول تارةً: كَأَوْدَعْتُكَ هذا المال، وقول الآخر: قبلت، وبالدلالة أَخرى (١) ، كوَضْع المتاع عند الغير وهو ساكِتٌ، لأَنه يُعَدُّ قَبُولاً عُرْفَاً. ولو وَضَعَه عند جماعةٍ يتعين له حافِظاً آخرهُمْ قياماً وانصرافاً. ولا ضمانَ على مَنْ دَفَع ما عنده من الأَمانة إِلى سلطان جائرٍ هَدَّدَه على دَفْعهِ إِليه بِقَطْع يده، أَوْ ضربه خمسينَ سَوْطاً، لعدم قدرته على دَفْعِه، فلم يكن مُقَصِّراً في حفظه، والله سبحانه أَعلم.