للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ في العِدَّةِ

===

بخلاف جانبه لقدرته على دفع الضّرر عنه بالطّلاق. ولقول عليّ: إذا تزوّج امرأة فوجد بها قَرْناً، أو بَرَصاً، أو جُذَاماً أو جنوناً، فالنِّكاح جائزٌ لازمٌ له، إن شاء طلّق، وإن شاء أمسك. وقول ابنِ مسعود: لا تردّ المرأة من عيوبٍ (١) . ونفاه أبو حنيفة وأبو يوسف، وهو قول عطاء، والنَّخَعِيّ وعمر بن عبد العزيز، والأوْزَاعِيّ، والثَّوْرِي، وابن أبي ليلى.

فإنّ تأثير وجود العيب في تفويت تمام الرضا إنما يوجب الرد في عقد يشترط فيه الرضا، ولزوم النكاح لا يتوقّف على تمام الرضا. ألا ترى أنه لو تزوج امرأة بشرط أنها بكرٌ شابَّةٌ جميلة فوجدها ثيباً عجوزاً شوهاء صماء عمياء بَكْماء، لها شِقٌّ مائل، وأنف هائل، ولعاب سائل، وعقل زائل، أو مريضة بالدق والسِّلّ مما لا بُرْءَ منه عند الأطباء، فإنه يجوز بلا شك لأحد من العلماء، وأنه لا يثبت له الخيار وإن فقد رضاه، وعليه الإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان والله المستعان.

والحديث لم يصحَّ لأنه من رواية جميل بن زيد ـ وهو متروك ـ عن زيد بن كعب بن عُجْرة، وهو مجهول لا يُعلم لكعب بن عجرة ولد اسمه زيد، ولو سُلِّم جاز أن يكون ذلك طلاقاً، فإن لفظ: الحقي بأهلك من كنايات الطلاق. وقوله عليه الصلاة والسلام: «فِرَّ من المجذوم فرارَك من الأسد» (٢) ، ظاهره غيرُ مراد بالاتفاق على إباحة القرب منه، وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل مع مجذوم ثقةً بالله وتوكلاً عليه.

فصلٌ في العِدَّة

وهي في اللغة: الإحصاء، ويطلق أيضاً على المعدود.

وفي الشرع: تربصٌ يلزمُ المرأة عندَ زوالِ النكاح أو شُبْهَته.

(وسبب وجوبها عندنا نكاح) (٣) متأَكّد بالتسليم، أو ما يقوم مَقَامه من خَلوة أو موت.


(١) في المخطوط: لا تردّ الحرّة من عيبٍ، والمثبت من المطبوع.
(٢) أخرجه البخاري "فتح الباري" ١٠/ ١٥٨، كتاب الطب (٧٦)، باب الجذام (١٩)، حديث رقم (٥٧٠٧).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>