للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِدَّةُ للحُرَّة تَحيْضُ للطلاق، والفسْخِ ثَلاثُ حِيَض كَوَامِل،

===

(العِدَّة) مبتدأ، ولام (للحُرَّة) متعلقٌ به (تَحيْضُ) نعت لها أو حال عنها (للطلاق) أي لأجل الطلاق عن دخول أو خَلوة، (و) لأجل (الفسْخِ) لخيار بلوغ (١) ، أو عِتْق، ولمِلْك أحد الزوجين، ولتقبيل ابن الزوج بشهوة، ولارتداد أحدهما، ولعدم الكفاءة، لأنه في معنى الفرقة بالطلاق في وجوب تَعَرُّفِ بَرَاءة الرحم (ثَلاثُ حِيَض) خبر المبتدأ (كَوَامِل) قيّد به لأنه لو طلقها وهي حائض لا يُحتسب بذلك الحيضِ، ولو بقي من الحيضة الثالثة شيء لم تَنْقضِ عِدَّتُها، وذلك لأن الحيضة الواحدة لا تتجزّى. وما وُجِد قبل الطلاق لا يحتسب منها فلا يحتسب ما بقي ضرورة. وبه قال ابن عباس، وشُرَيح، وإبراهيم النَّخَعِي.

وقال مالك والشافعي: ثلاثة أطهار، وهو مروي عن عائشة، وابن عمر، وزيد بن ثابت، لقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهنَّ لِعِدَّتِهنَّ} (٢) ، وقوله تعالى: {والمُطَلَّقاتُ يَتَربَّصْنَ بِأنفُسِهِنَّ ثلاثةَ قُرُوء} (٣) . وقد عُلِم أنَّ تأنيث العدد يقتضي تذكير المعدود، والطُّهْر هو المذكر لا الحيض، فلو أراد به الحيض لقال: ثلاث قروء.

ولنا أن الاستبراء بحيضة، كما رواه أحمد وأبو داود في سبايا أوطاس، وأصل العِدَّة للاستبراء، فيكون بالحيض. وروى ابن ماجه عن عائشة قالت: أُمِرَت بَرِيْرَةُ (٤) أنْ تعتدَّ بثلاث حِيَض. ومذهبنا قول الخلفاء الأربعة، والعبادلة، وأُبيّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبي الدَرْداء، وعُبَادة بن الصامت، وأبي موسى الأشعري، ومعْبَدٍ الجُهَنِي،

وعبد الله بن قيس، وطائفة من التابعين: كسعيد بن المُسيَّب، وابن جُبَيْر، وعطاء، وطاوس، وعِكْرِمة، ومُجاهد، وقَتَادة، والضَّحَاك، والحسن، ومُقَاتِل، وشَرِيك، والثَّوْري، والأوزاعي، وابن شُبْرُمة، والسُّدِّي، وكذا: الأَصْمعي، والكِسَائي، والفرَّاء، والأخْفَشُ. ورواه الطحاوي عن ابن عمر، وزيد بن ثابت، فتعارضت الرواية عنهما.

قال أحمد بن حنبل: كنت أقول الأطهار، ثم وقفت لقول الأكابر، وفي نسخة: وقفتُ والله ولي التوفيق بقول أهل التحقيق.


(١) خيار البلوغ: أن يكون لمن زُوِّجَتْ صغيرة خيار الإبقاء على النكاح أو فسخه عند بلوغها. معجم لغة الفقهاء ص ٢٠٢.
(٢) سورة الطلاق، آية: (١)
(٣) سورة البقرة، آية: (٢٢٨).
(٤) حرفت "بريرة" إلى "بريدة" في المطبوعة والمخطوطة، والمثبت من سنن ابن ماجه ١/ ٦٧١، كتاب الطلاق (١٠)، باب خيار الأمة إذا أعتقت (٢٩)، رقم (٢٠٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>