للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأمِّ وَلَدٍ ماتَ مولاها أو أعتَقَها. ومَوْطُوءَةٍ بشُبهةٍ أو نكاح فاسدٍ في الموت والفُرْقَةِ،

===

وعن أبي عبيدة وابن السِّكِّيت: أن القُرءَ يصح للحيض والطهر ولا ينتظمهما جملة، لأن المشترك لا عموم له، والحمل على الحيض أولى عندنا لما رويناه في عِدَّة الأَمَة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «وقُرؤها حيضتان»، ولم يقل: طهران، ولا خلاف أن عدة الأمة نِصف عدة الحرة، لأن أثر الرِّقِ في التنصيف لا في تغيير أصل العدة، ولقوله تعالى: {واللائي يَئسنَ من المَحِيْضِ من نِسَائكم إنْ ارْتبْتُم فَعِدَّتُهُنَّ ثلاثةُ أشهرٍ} (١) ، فأقام الأشهر مُقَام الحِيض دون الأطهار، والنقل إلى البدل إنما يكون عند عدم الأصل، كقوله تعالى: {فلمْ تَجِدُوا ماءً فَتيَمَّمُوا صعيداً طيباً} (٢) ، فهو تنصيص على أن المرادَ بالقُرءِ الحيضُ، ولأن الغَرَضَ في العدَّةِ استبراءُ الرَّحِم، والحيض هو الذي يُستبرأ به الأرحام دون الطهر، ولذا كان استبراء الأَمة بالحيض إجماعاً.

وأما الاستدلال بقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (٣) فلا يصح، لأنه بناء على أن اللام بمعنى «في»، وهو غير معهود في الاستعمال، ويستلزم تقدُّمَ العدة على الطلاق، أو مقارنته له لاقتضائه وقوعَه في وقت العدة. وقراءة: «لِقَبْلِ عدَّتِهنَّ» في «صحيح مسلم» تنفيه إذ أفادت أن اللام فيه مفيدة معنى استقبال عدتهن، وهذا استعمال محقق من العربية، يقال في التاريخ بإجماع أهل العربية: خرج لثلاث بَقِيَن ونحوه.

وأما التمسك بتأنيث العدد في الآية الأخرى فليس بشيء، لأن الشيء إذا كان له اسمان مُذكَّر كالبُرِّ، ومؤنَّث كالحِنْطة، ولا تأنيث حقيقي، يؤنث عدده إذا أضيف إلى اللفظ المذكر، ويُذكَّر إذا أضيف إلى اللفظ المؤنث.

(كأمِّ وَلَدٍ) أي كما تعتد بثلاث حيض كوامل أم ولد (ماتَ مولاها أو أعتَقَها) وهي ممن تحيض وليست حاملاً، ولا تحت زوج، ولا في عدة زوج، لأنها لو كانت تحت زوج أو في عدة زوج، لم يلزمها من المولى عدة.

(ومَوْطُوءةٍ) أي وكموطوءةٍ (بشُبهةٍ) كما لو زُفَّتْ إليه امرأة فوطئها وهو لا يَعْرِفها (أو نكاحٍ فاسدٍ) كالمؤقت، والنكاح بغير شهود، ونكاح الأخت في عدة أختها، ونكاح الخامسة في عدة الرابعة (في الموت والفُرْقَةِ) أي لأن الوطاء بشبهة كالنكاح الفاسد، والنكاح الفاسد كالصحيح ولا نَفَقَة لها، لأن العدة هنا لِتُعرَف براءةُ


(١) سورة الطلاق، آية: (٤).
(٢) سورة النساء، آية (٤٣).
(٣) سورة الطلاق، آية: (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>