للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِمَنْ لا تحيضُ لِصِغَرٍ أو كِبَرٍ، أو بلغت بالسن ولم تَحِض ثلاثةُ أشهر

===

الرَّحِم لا لقضاء حق النكاح، والحيض هو المعرِّف ولو في الموت.

وقال الشافعي: عِدَّة أُمِّ الولد من مولاها حيضةٌ واحدةٌ وإن كانت لا تحيض (فشهر. وقال مالك: عدتها حيضة واحدة، وإن كانت لا تحيض) (١) فثلاثة أشهر، وهو قولُ أحمدَ بن حنبل، لما روى مالك في «الموطأ»: عن نافع، عن ابن عمر: أنه قال: عِدَّة أم الولد إذا هلك عنها سيدها حَيْضة. ولأنها وجبت لتُعْرَف بَرَاءةُ الرحم، فصارت كالاستبراء.

ولنا ما روى محمد بن الحسن في «الأصل»: عن علي، وابن مسعود، وإبراهيم النَّخَعي أنهم قالوا: عدَّة أم الولد ثلاث حِيض. وكذلك روى الحاكم عن علي، وابن مسعود (٢) ، وعطاء. وروى أيضاً أن عمرو بن العاص أمر أم ولدٍ أُعتِقت أن تعتد بثلاث حِيض، وكتب إلى عمر بذلك، فكتب عمر إليه بحُسن رأيه.

(ولِمَنْ لا تحيضُ) أي، والعدة من طلاق أو فسْخ لحرة لا تحيض (لِصِغَرٍ أو كِبَرٍ أو بلغت بالسن ولم تَحِض: ثلاثةُ أشهر) أما التي لا تحيض لكبر فلقوله تعالى: {واللائي يَئِسْنَ من المحيضِ من نِسَائكم إنْ ارْتَبْتُم فَعِدَّتُهُنَّ ثلاثةُ أشهر} (٣) ، ومعنى {إن ارتبتم}: إن أَشكل عليكم حُكْمُهنَّ وجهِلْتُم أمرهن. وأما التي لا تحيض لصغر والتي بلغت بالسن ولم تحض، فلقوله تعالى: {واللائي لم يَحِضْن} (٤) أي فعدتهن ثلاثة أشهر، فَحُذِفَ لدلالة ما تقدم عليه، والنص يتناول الصغيرة. وعلماؤنا والشافعي أمروا ممتدة (٥) الطهر بالأَقرَاءِ لا بالتربص لسَنة. وقال مالك: تَرَبَّصُ بعد الطلاق تسعة أشهر ثم تعتد بعدها بثلاثة أشهر، لأن تسعة أشهر هو المدة المعتادة لظهور الحَبَل، فإذا مضت تحقَّقَت براءة الرحم، فتعتد بثلاثة أشهر لصيرورتها في معنى مَنْ لا تحيض.

ولنا أن الاعتداد بالأشهر مختصٌ بالصغيرة والآيسة، وهذه لم يُحكم بإياسها فتكون حائضاً باستصحاب الحال (٦) ، فلا تعتد (٧) بالأشهر. وعلماؤنا والشافعي أمروا الأَمة الآيسة بشهر ونصف، لإمكان تنصيف (٨) عدتها بالنسبة إلى الأشهر، فجرينا فيها


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.
(٢) في المخطوط: ابن سيرين، والمثبت من المطبوعة.
(٣) سورة الطلاق، الآية: (٤).
(٤) سورة الطلاق، الآية: (٤).
(٥) في المخطوطة: "معتدة" بدل "ممتدة"، وهو تصحيف.
(٦) الاستصحاب: هو الحكم بثبوت أمر في الزمن للاحق بناءً على ثبوته في الزمن السابق. معجم لغة الفقهاء ص ٦٢.
(٧) في المطبوعة: "يعتبر" بدل "تعتد".
(٨) في المخطوطة: "شطر" بدل "تنصيف".

<<  <  ج: ص:  >  >>